ندوات إعلامية هنا وهناك عن التعصب الكروي ضيوفها أشهر الإعلاميين بهذا المجال، احترافيات إعلامية ببرامج متنوعة ما بين السعودية وقطر ضمن الدوري الإعلامي السعودي لكرة القدم، مغمورون أصبحوا نجوماً بالإعلام خصوصاً هذا العام. الكرة تتحدث بالصورة والصوت والكلمة، المستويات الفنية هابطة جداً، اللعب على مستوى المنتخب مثلا امام منتخب مغمور جدا كمنتخب اندونيسيا صعب جداً، والفرق السعودية في المنافسات الخليجية والاقليمية حبة فوق وحبة تحت، مخجلة الحالة التي نعيشها وسبق ان حذرنا منها كثيرا ولكن كانت في نطاقات محدودة سابقاً!! الفضائيات تتنافس في جذب الاشخاص الاكثر تعصبا واثارة، لم يعد حديث البرامج الرياضية الفضائية للاسف رياضياً، بل اعلاميا بصورة اكثر تشنجا وعنفوانية، ساعدها اليوتيوب في تكرار السبق الاعلامي في سب فلان لعلان، والاستهزاء بذاك والاصطياد بالماء العكر للآخرين، البطل ليس الفريق وإنما تحول الامر ليكون الاعلامي، حالة من الفوران واللامبالاة بجميع القيم الاخلاقية وليست الرياضية فقط. الاذاعات المخصصة للترفيه والتنفيس بصورة بريئة ركبت الموجة للاسف، المايك اصبح متاحا للاكثر عصبية وتناقضاً، لا حدود للبعض في اخلاقيات التناول الاعلامي الشريف، لدينا فقط الاعلامي يضاف لاسمه النادي الذي يشجعه، وهذا الامر لا يحدث الا لدينا وبصورة فاضحة جدا، رغم انه من المفترض الحياد قدر المستطاع في مجال التنافس الكروي الشريف، اصبحنا منقسمين، الكل يحارب إعلامياً بجبهته، والنتيجة مستويات كروية متدنية جدا ومستقبل كروي غامض في الوقت نفسه..!! استغل تويتر وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مقززة جداً، فاحت الكثير من الروائح النتنة من خلاله، البعض وصل به الامر ان لا يدع للحياء مجالاً وإنما تجده ينفث سمومه وتغريداته غير المقبولة وباسمه الصريح، والنتيجة احتقان وتنافس غير مقبول مطلقاً، حتى انني قرأت تقارير معادية لنا تتحدث عن هذه الظاهرة الخطيرة في بلادنا. حتى وصل الأمر الى أن يعتبر تخصيص بعض البرامج للاستهزاء بالعاملين بالوسط الرياضي من ضمن الإبداع البرامجي، ومهما تقبل الكثيرين هذه النوعية من البرامج إلا أنها تظل مرآة غير حضارية لواقع أليم بالفعل..!! بإمكانك لدينا فقط أن تشتم وتهاجم وتتشاجر ويستهزئ بك الآخرون امام الجميع وتصبح رغم ذلك نجماً لا يشق له غبار ومتابعينك بمئات الألوف، والعكس تماماً عندما تتحدث بمنطقية واحترام قد لا يتجاوز كلامك محله. لماذا تم استغلال الإعلام بهذه الصورة المحزنة، لماذا استغلت بعض البرامج الفضائية والاذاعية حالة الاحتقان التي يعيشها وسطنا الرياضي لتحقيق مكاسب اعلامية واعلانية مختلفة وكذلك الحال مع نجوم تويتر، هل أصبح هذا المقياس هو النجاح الإعلامي الصحيح وتطبيق مبدأ (اللي تكسب فيه، العب فيه) مهما كانت الاساليب والطرق، هل بالفعل نحن مجتمع نحب الفنتازيا والإثارة في حياتنا، وما انعكاس ذلك على صغار السن الذي ظلموا بالواقع الذي نعيشه حالياً ولم نكن نعرفه في السابق..!! ما يحدث يحتاج إلى حلول وليس دراسات، لأن الانفلات الإعلامي بهذه الصورة المحزنة له مخاطر كثيرة في التأثير على جيل المستقبل، وستكون النتائج مفجعة وستتجاوز مسألة الرياضة فقط.