جاء اختيار خادم الحرمين الشريفين (أيده الله) لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز لشغل منصب "جديد" في ترتيبات الحكم السعودي تحت مسمى "ولي ولي العهد". كواحد من أبرز القرارات التي تعودناها من لدن المليك المفدى والتي دوما لا يغيب عنها بعد النظر والحكمة والحنكة واتخاذ القرار الصائب. ودل على ذلك أن الأوساط السعودية بكافة فئاتها تلقت هذا القرار بارتياح تام لما لهذه الثقة الملكية الغالية باختيار سموه من دلالات وأسس راسخة جميعها تصب في مصلحة الوطن والمواطن. مقرن، له تجربة ناجحة جدا وقت ما كان أميراً لمنطقة حائل، وعند استلام سموه إمارة هذه المنطقة العزيزة على قلب كل سعودي في عام 1980م تشرف سموه بخدمة هذه المنطقة وتلمس احتياجات أهلها والعمل على تحقيقها وزاد على ذلك انه كان قريبا جدا من رجل الشارع، فهناك الرجل المسن والمرأة، والشاب والطفل كلهم عندما يشاهدون سموه في أي وقت وزمان يقولون له: "مقرن يا بعد حيي" وهذه العبارة هي أقصى درجات الامتنان والمحبة لدى أهلها الطيبين. وعندما صدر قرار بنقل سموه من مدينة حائل وتعيينه أميرا لمنطقة المدينةالمنورة، كان صعباً على سموه ترك هذه البقعة الغالية على نفسه والتي تركت لديه أثراً كان واضحاً على محياه وهو يودع أهلها وكانت لغة التخاطب بينه وبينهم وقت الوداع هي الدموع التي امتزجت بين الكرم الحاتمي الشهم وشهامة ونخوة ورجولة مقرن.. فلن ينسى التاريخ أبداً علاقة أهل عروس الشمال حائل مع أميرهم السابق وولي ولي عهدهم الحالي.. نعم إنها علاقة متشابكة امتدت إلى الجذور وتغلغلت في تربة صحرائها الذهبية.. وكان الجميع في أغلب مناطق المملكة يتمنى مقرن أو مثل صفات مقرن أميراً على منطقته وهذا ما شهدته تلك الأعوام العشرون من عمر سموه التي قضاها بينهم من الكثير من المعطيات والمنجزات الحضارية. وهناك مدلولات لهذا الاسم المميز الأمير "مقرن" فهو الأول من بين كافة أفراد الأسرة الحاكمة الذي يتولى منصب "ولي ولي العهد"، ويعتبر الخامس الذي سمي نائباً لرئيس مجلس الوزراء، أيضاً هو المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين (حفظه الله)، ويأتي الأمير مقرن كأصغر أنجال الملك المؤسس (طيب الله ثراه). وعملياً اسم مقرن متداول وعلامة فارقة.. فهو رجل دولة من الطراز الأول تولى مناصب حساسة ودقيقة.. يعمل بصمت ويترك أعماله تتحدث عنه.. سيرته حافلة بالعطاء والتفاني والكفاح.. فقد كان طياراً حربياً، وعيّن مساعداً لمدير العمليات الجوية ورئيس قسم الخطط والعمليات في القوات الجوية الملكية السعودية، ثم عين أميراً لمنطقة حائل التي قضى فيها 20 سنة، وبعدها انتقل لإمارة المدينةالمنورة وقضى فيها ست سنوات خلفاً لأخيه الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، وترأس جهاز الاستخبارات العامة لمدة سبع سنوات خلفاً لأخيه نواف بن عبدالعزيز، وبعدها عين في منصب هام جدا وهو مستشار للملك ومبعوث خاص له، وفي عام 1434ه صدر أمر ملكي بتعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وفي شهر جمادى الأولى هذا العام 1435ه بويع سموه "ولياً لولي العهد. ومن ثم إضافة إلى اهتماماته باستخدامات التقنية، والحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها. سيرة الأمير مقرن بن عبدالعزيز حافلة بالتفاني والإخلاص بلا ملل ولا تعب وهو قليل في ظهوره الإعلامي، برغم أن وسائل الإعلام كانت تبحث عنه ولكنه عندما كان رئيساً لجهاز الاستخبارات رحب بصحفييها وكتابها وتعامل معهم بكل شفافية ومحبة وكان صديقاً وسيظل لرجال الإعلام بكافة فئاته المقروءة والمسموعة ويمتلك خصلة التحدث بلباقة مع سعة الصدر.. لم يمنعه حساسية منصبه القرب من الناس وتواضعه الجم وكان مكتبه السابق والحالي ما يزال مفتوحاً ويستمد هذا ممن سبقه من إخوانه الكرام والذين يتبعون سياسة الباب المفتوح.. فهذا كان نهجهم.. وساروا عليه.. فهذه هي سياسة عبدالعزيز مؤسس هذا الكيان العظيم مع كافة أفراد شعبه في السابق، وحتى هذا اليوم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا العهد الزاخر بالمنجزات التنموية العملاقة، وبناء الإنسان في مملكة ترفل بثوب من الأمن والأمان.. صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، هذا الرجل ذو الشخصية الاعتبارية الجاذبة والعفوية النادرة له ميزة بهذا القرار كما جاء في نص الديوان الملكي الكريم: "يتولى الأمير مقرن منصب ولاية العهد في حال خلو المنصب مباشرة، ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد". وهو بلا شك يستحقها.. نعم.. قوة هذا القرار جاءت لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن رعاية كيان الدولة ومستقبلها فوق كل اعتبار وهو منهج الملك عبدالله ومنهج بيت الحكم السعودي في تقديم المصلحة العليا على أي مصالح أخرى قد لا تأتي من أولويات الدولة الرشيدة. واليوم.. بيعة هنا وبيعة هناك ورجال مخلصون وطنيون يدركون أهمية المرحلة المقبلة.. وبينهم رجل غير عادي يحمل أمانة ولاية ولي ولي العهد.. نسأل الله تعالى أن يعينه على حملها.. لأن من سبقوه من إخوانه.. صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية) ومن توفاهم الله ونسأل لهم الرحمة الأمراء سلطان ونايف كانوا خير خلف لخير سلف والسند الأيمن لأخيهم الملك، وهي خصلة نادرة قلما تجدها في أغلب الأسر الحاكمة في أي مكان في العالم. متعك الله يا سيدي وعضديك بالصحة والعافية وجعلكم سنداً للإسلام والمسلمين ونسأل الله جلت قدرته أن يطيل في أعماركم لخدمة أبناء شعبكم الوفي ومهما قلنا يا خادم الحرمين الشريفين لك وإخوانك البررة فلن نوفيكم حقكم.