-- كل منصف يلحظ أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - يقدم مصلحة الوطن على كل اعتبار عندما يختار ويكلف أحد أبناء الوطن بأحد المسؤوليات وتقليده أحد المناصب أو المسؤوليات؛ فخدمة الدين ومصلحة الوطن - كما يقول دائماً حفظه الله - هما أهم وأغلى شأن لديه. ومن آخر اختيارات الملك عبدالله أمره الكريم بتعيين سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء. ومن تابع ما دار بالمشهد السعودي بعد هذا الاختيار رأى أن أبناء الوطن متفقون على حكمة هذا الاختيار من الملك عبدالله الذي كان في محله؛ فالأمير مقرن يملك من الخبرة الإدارية الواسعة والنظرة السديدة، فضلاً عما عُرف عنه من خلق جميل وتواضع جم، وما شهد به الناس له من حب لهذا الوطن والمواطن الذي أوصاه خادم الحرمين الشريفين به. كما قال سموه إنه لا يحصي المرات التي أوصى فيها الملك المسؤولين بأن يكون المواطن هو الهم الأول للمسؤول. سأكتفي في هذا المقال بموقفين حصلا لي مع سمو الأمير مقرن خلال السنوات الماضية. - الأول: يكشف إخلاص وتفاني سموه تجاه العمل الذي يناط به والأمانة التي يتقلدها وحرصه على ما يخدم الوطن، ويوفر الخدمات للمواطن في مجالات الحياة كافة من صحة وتعليم.. إلخ. هذا الموقف حصل عندما كان سموه أميراً لمنطقة حائل. لقد كنت مع جمع من الإخوة المثقفين بزيارة لحائل، وتشرفنا بزيارة سموه والجلوس إليه والحديث معه، وقد تحدث لنا سموه عن طموحاته لحائل وأهلها، وقال: إن أهم ما يشغلني هو عدم وجود تعليم عال للمرأة بحائل، وهو ما يحرمها من مواصلة تعليمها وخدمة وطنها أو يضطرها إلى أن تسافر خارج حائل بصحبة أبيها أو أخيها أو أسرتها. ويشير سموه إلى سبب انزعاجه من مشقة السفر واغتراب الطالبة بسبب طلب العلم، وأحياناً ينتج من ذلك خسارة بعض الكفاءات العاملة في حائل التي تنتقل منها من أجل تحقيق آمال بناتها بالتعليم الجامعي. وبعد فترة وجيزة صدر قرار الرئيس العام لتعليم البنات بافتتاح كلية للبنات بحائل، وكان وقتها الشيخ عبدالملك بن دهيش - أتم الله عليه لباس الشفاء - وعندما قرأت هذا الخبر بالصحف بادرت بالاتصال بسموه بحائل لأهنئه على هذا الحلم الذي تحقق لبنات حائل، وكم أحسست بسعادته بذلك، وعندما قلت له نتمنى أن نراك بالرياض قال: الآن أنا مسافر للرياض لمقابلة الشيخ عبدالملك بن دهيش لأشكره على تحقيق هذا المطلب، وأبحث معه الأمور التي تيسر افتتاح أول كلية للبنات بحائل بأسرع وقت. وودعت سموه وأنا أتأمل تلك السعادة التي غمرته بتحقيق هذا المطلب، وكأنه حلم شخصي تحقق له أو لأحد بناته. - الموقف الثاني: يرسّخ خصلة التواضع التي عُرف بها سمو الأمير مقرن. كنا نشرنا ((بالمجلة العربية)) إبان رئاستي تحريرها موضوعاً عن الشمس، وجاء بالمقال أن الشمس تبعد عن الأرض 5000 كيلو، وما إن صدر العدد، وبعد نحو ثلاثة أيام، وكنت بمكتبي، رن جرس التلفون، فرفعت السماعة، وإذا بالمتحدث يقول بعد السلام: معك مقرن بن عبدالعزيز. فأجبت: مرحباً يشرفني سماع صوتك. قال: أنا مقرن. وعندما تعجبت من اتصاله مباشرة دون وسيط من سكرتير أو سنترال تجاهل سموه استغرابي وقال: يا حمد، ما هذا الرقم الذي ظهر بالمقال الذي عن الشمس؟ لو كان الرقم صحيحاً أن الشمس تبعد عن الأرض خمسة آلاف كيلو لكانت الأرض احترقت، ولكن الشمس تبعد أكثر من 149 مليون كم. لن أتوقف في هذه القصة التي حدثت مع سموه عن اهتمامات الأمير مقرن العلمية، لكن أشير فقط إلى خصلة التواضع الجم فيه، وإلى حرصه على الإفادة من الوقت دون اعتبار لأمور شكلية. وفقك الله سمو الأمير لتكون سنداً لأخويك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ولسمو ولي العهد الأمير سلمان لقيادة هذا الوطن نحو آفاق المجد؛ ليظل هذا الوطن - بحول الله - وطن الأمان والنماء في عالم مضطرب من حولنا. حفظ الله هذا الوطن واحة أمن ودوحة نماء. [email protected] فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi