لدينا أكثر من 160 شركة مساهمة عامة, وعشرات الشركات الأخرى من شركات الأشخاص والأموال. تسجّل هذه الشركات سنوياً أرباحاً بعشرات المليارات من الريالات, في ظل نمو مستمر ومطرد في عائدات مبيعاتها وخدماتها. وكان من المؤمّل أن يكون لها في مقابل ذلك مساهمات اجتماعية تعود بالنفع عليها قبل الفائدة للوطن والمواطن..!! عندما أقول مساهمات اجتماعية, فأنا أعني بها تلك المبادرات والمشروعات النوعية والكبيرة, لا البسيطة والمحدودة . تطالعنا تقارير هذه الشركات بما تسمّيه أدوارها أو مبادراتها في حقل المسؤولية الاجتماعية, ونفاجئ بانعدام أو محدودية هذا الدور أو تلك المبادرة, ونجد أن كل ما من شأنه أنّ يكون فيه خدمة للمجتمع في آخر سلم اهتماماتها!! فشركة تشير إلى مجموعة من التدوينات على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي, وتعد ذلك من خدماتها الاجتماعية..!! وأخرى ممن تدير أحد أكبر متاجر التجزئة في المملكة, تدرج تبرعات العملاء بباقي هلل مشترياتهم, والتي تجاوزت في عام واحد مبلغ 10 ملايين ريال, ضمن إطار مبادراتها الاجتماعية..!! وثالثة: نوّهت إلى أن تقليصها من استخدام الورق في إعلاناتها جاء من باب المحافظة على البيئة..!! ورابعة: أدرجت رعايتها لإحدى المؤتمرات ضمن إطار خدمتها للمجتمع , رغم أن إعلاناتها تكاد تكون تملأ جنبات وأركان مكان انعقاد هذا المؤتمر..!! المأمول من هذه الشركات أكبر, وعليها أن ترد شيئاً من الجميل إلى الوطن وأهله. فلا ضرائب تفرض عليها, بل العكس من ذلك, قروض تقدم وبدون فوائد وإعانات تمنح, ويوفّر لمنتجاتها الحماية من المنتجات المستوردة, وقبل ذلك كله تعمل في وسط سوق يتسم بقوة شرائية عالية, وإنفاق استهلاكي عالٍ, يتمناه غيرها في الخارج. كما لا ننسى التأثير السلبي الكبير الذي تحدثه بعض هذه الشركات, كتلوث البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية. على هذه الشركات أن تعي وتدرك أن دخولها لميدان المساهمات الاجتماعية الفعالة, سيخلق لها ولاءً من كافة أطياف المجتمع, لن تستطيع أن تناله بأي وسيلة أخرى, سواء إعلانية أو غيرها. لك أن تتصور كيف سيكون ولاؤنا وارتباطنا بشركة شيّدت مستشفى أو مركزاً لغسيل الكلى يحمل اسمها؟! وأخرى بَنَت مدرسة, وثالثة رعت أيتاماً أو أسراً محتاجة؟! ميدان المساهمات الاجتماعية ميدان واسع, ومن الأجدى والأجدر لهذه الشركات أن تكون في مقدمته, لا مؤخرته أو وسطه.