بعد أن فقد خمسة من أطفاله نتيجة مرض غامض داهم طفولتهم ، لم يجد المواطن سعيد محمد الشهراني من أهالي منطقة عسير وهو يحمل بين ذراعيه طفلته السادسة روضة التي أصيبت بنفس المرض الذي صادر حياة أشقائها منذ العام 1415 ه، لم يجد بداً من اختيار اليوتيوب ليعرض مأساته في محاولة تلامس حدّ اليأس لإنقاذ طفلته، التي تؤكد كل الأعراض أنها تأخذ نفس الطريق الذي أودى بحياة أشقائها الخمسة، دون أن تصل مستشفيات الداخل التي عاينت حالتها إلى تشخيص دقيق لذلك المرض القاتل. خمسة أطفال أشقاء يخطفهم الموت في عجالة، وهم في بواكير حياتهم، وأمام أعين والديهم، فيما يحوم شبح الموت مجدداً أمام روضة، دون أن تكون هنالك محاولة واحدة لنقلها إلى أحد المراكز الطبية المتقدمة في العالم لفك أسرار هذا اللغز. علينا أن نضع أنفسنا في مكان سعيد الشهراني والد هذه الطفلة البريئة التي تنتظر مصيرها، أن نقترب ولو قليلاً من مشاعره كأب، وهو يحمل صغيرته بلا حول ولا قوة، ليعرض معاناته على الملأ علّ وعسى أن يجد من يمدّ له يد العون، لعرض حالتها على أيّ من المراكز الطبية العالمية، ولو على سبيل التخفيف من مأساته، بأنه فعل كل ما بوسعه لتبقى الأعمار بيد الله. من شاهد الفيديو يشعر بغصة سعيد التي تكاد تخنق عباراته المنكسرة، حينما لم تفلح كل محاولاته في نقل أي واحد من أشقاء روضة قبل أن يتخطفهم الموت للعلاج في الخارج، يشعر كيف يستولي الألم على قلب الأب، وهو يعلم أن تلك الطفلة التي يحملها بين ذراعيه، بتلك الأعراض التي سرقت بصرها، وجعلتها غير قادرة على حمل رأسها، ستأخذ نفس الطريق الذي سلكه أشقاؤها الخمسة إلا أن يشاء الله، ليحفر رحيل كل واحد منهم في صميم قلبه هوة سحيقة من الانكسار والبؤس والشعور بالمرارة، إذ ليس ما هو أوجع لقلب الأب أو الأم من أن يعيشا اللحظة تلو اللحظة بانتظار أن يقدما فلذة كبديهما لشبح الموت، دون أن يشعرا أنهما فعلا كل ما في وسعهما لإنقاذ حياتها. وليس أسوأ من الموت سوى انتظاره لعزيز. سعيد.. مواطن سعودي، لكنه حتماً ليس سعيداً بما يجري لأطفاله، وروضة وأشقائها الذين رحلوا لم يختاروا هذا المصير الغامض والبائس الذي يفطر القلوب، لذلك فإن حق سعيد، وحق روضة علينا في مملكة الإنسانية التي بلغ خيرها القاصي والداني، أن تحظى هذه الصغيرة بعناية خاصة، تقطع الشك باليقين، بعد خمسة استسلامات غير مبررة، كان ثمنها اختطاف حياة أشقائها الصغار باكراً، حقها أن تأخذ فرصتها لعرض حالتها على إحدى المستشفيات في الولاياتالمتحدة أو ألمانيا، رأفة بطفولتها البريئة، وإطفاءً للهيب العجز في قلب أب وأم، بقيا على مدى عشرين عاماً، يطرقان كل الأبواب، أملاً في العثور على فرصة للنجاة بأطفالهم الذين تساقطوا أمام أعينهم الواحد.. تلو الآخر.. ليصل الدور إلى روضة لا سمح الله. فمن ينقذ براءة روضة من براثن المرض؟