يحدث أحياناً في محيط العمل أن يتم إفشاء أسرار المدير؛ فنجد أنَّ هناك تسريباً لكثير من القرارات التي ما تزال تحت الدراسة، أو تلك التي تتعلق بالموظفين أو حتى لمشكلة ذات خصوصية حدثت أو لأسرار اجتماعات سريَّة جمعت المدير بعدد من الموظفين، الأمر الذي يجعل ذلك كله يخرج إلى إدارات أو أقسام أخرى عبر موظفين ينشرون تلك المعلومات التي حصلوا عليها من المدير أو عن طريق سكرتير المدير، وربما وُجد أنَّ هناك من الموظفين من جنَّد نفسه للبحث عن مثل هذه المعلومات والأسرار حتى يتحدث بها للغير، فيكون بذلك هو مصدر الأخبار السرية المؤكدة. ويحدث أيضاً أن يسعى بعض الموظفين لمعرفة آخر المستجدات والأخبار من سكرتير المدير، وربما كان من الطبيعي محاولة موظف ما كشف بعض الأخبار التي تتعلق بترقيته الوظيفية أو احتمال وجود زيادة في راتب بعض الموظفين المتميزين، ويبقى السؤال المطروح هنا عن وجود نظام يُجرِّم تسريب سكرتير المدير لأخبار ومعلومات خاصة بالعمل عن طريق المدير، أو حتى عن أمور تتعلق ببعض الموظفين؟، ولماذا يحب بعض الموظفين أن يحتلوا صدارة الأخبار الأكيدة في محيط العمل "يجيبون العلم"؟. السكرتير الناجح من يقدِّر ثقة المدير ويحافظ على أسرار العمل أسرار المدير وأشارت "ابتهال فهد" -موظفة - إلى أن تسريب أسرار المدير أو الأخبار المُتعلقة ببعض الموظفين يُعد أسلوباً سلبياً وغير أخلاقي، خاصةً حينما تكون تلك الأسرار تخص أموراً حساسة تتطلب جعلها في طيّ الكتمان، موضحة أنَّ لسكرتير المدير عادةً دوراً كبيراً في تسريب تلك المعلومات التي قد تضر البعض، وربما قد تنفع من يريد أن ينتفع منها، لافتةً إلى أنَّ المدير قد يضع ثقته في السكرتير، ومع ذلك فإنَّه يبوح بما أؤتمن عليه من أسرار ومعلومات، الأمر الذي قد يجعله يبوح ببعض القرارات قبل أن يبت فيها المدير. وأضافت أنَّ بعض الموظفين -للأسف- يحاول أن يستغل سكرتير المدير ويجمع منه أكبر قدر ممكن من المعلومات، وربما حاول أن يصطاد في الماء العكر، فيبدأ في تسريب معلومات عن قرارات ما جديدة، أو عن قرار يتعلق بزميل آخر، وقد يثير ذلك الخبر حفيظة البعض فيسعى إلى محاولة الضغط على المدير للتراجع عن بعض القرارات، مشددةً على ضرورة أن يكون سكرتير المدير حريصاً على حفظ أسرار المدير، خاصة تلك التي تتطلَّب سرية تامة في التعاطي معها. إفشاء أسرار المدير لبعض الموظفين يترك انطباعاً سلبياً عن بيئة عمل المنظمة معلومات خاصة وانتقدت "سمية عبدالغني" –موظفة- محاولة بعض الموظفين استدراج مدير مكتب المدير أو سكرتيره الخاص لمعرفة آخر المستجدات لدى المدير، وقالت :"وصل الأمر سوءً إلى محاولة بعض الموظفات التفاخر بقدرتهنَّ الحصول على معلومات خاصة جداً عن المدير يصعب على غيرهنَّ من الموظفات الحصول عليها"، موضحةً أنَّهنَّ يتباهين في هذه الحالة بأنَّ الأخبار المؤكدة تكون لديهنَّ عادةً. وبيَّنت أنَّ إحدى زميلاتها في العمل تعمل على تسريب كل ما يحدث في مكتب المديرة، مستغلَّة قرابتها بسكرتيرة المديرة، مضيفةً أنَّها تتحدث عادةً عن معلومات تتعلق بالعمل بشكل دقيق، بل إنَّها تتبادل الأحاديث الجانبية مع زميلات أخريات حول بعض الأخبار التي تخص زميلاتها في العمل، خاصة ما تحتوي منها على أسرار لا يجب إظهارها لبقية الموظفات، مؤكدةً على أنَّ هذا السلوك أدَّى إلى تكوين شللية في بيئة العمل، كما أنَّه تسبب في تشكيل أحزاب من الموظفات. وأضافت أنَّ ذلك ينتج عنه عادةً حدوث العديد من الخلافات والمشكلات في محيط العمل، مشيرةً إلى أنَّه بدلاً من أن ينصرف الموظفون أو الموظفات إلى تطوير بيئة العمل وأداء المهام الوظيفية، فإنَّه سيكون شغلهم الشاغل هو البحث عن الأخبار الجديدة التي تحدث خلف جدران مكتب المدير، داعيةً إلى تطبيق العقوبات الرادعة بحق من يثبت ارتكابه هذا السلوك، إلى جانب محاسبة سكرتير المدير وإحالته للمساءلة في حال ثبت أنَّه أفشى معلومات سرية عن المدير أو عن الموظفين، لافتةً إلى أنَّه يجب أن يسعى الموظفون إلى الولاء لعملهم والسعي إلى تطويره بدلاً من محاولة جمع الأخبار التي قد يستخدمها البعض بشكل غير مقبول ضد زميل آخر. نظام العمل وأوضح "د.صلاح بن جهيم الزيدان" -أستاذ إدارة الموارد البشرية المساعد بمعهد الإدارة العامة- أنَّ السكرتير أو الموظف القريب من المدير هو حافظ سرَّه؛ لذا فإنَّ من أهم الأمور التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل اختياره هو حفظ أسرار العمل، مبيناً "حينما يكون هناك موظف يتقيد بنظام العمل وهو غير قادر على حفظ المعلومات، فإنَّ ذلك يُعد خطأ مهنياً كبيراً". د. صلاح الزيدان وقال :"يُلاحظ أنَّه عادةً ما يتم اختيار موظف عُرف عنه الأمانة في حفظ المعلومات، ثمَّ يتنقل في مناصبه حتى يصل إلى منصب السكرتير الخاص للمدير، لذلك فإنَّ هناك نصوصاً قانونية تُجرِّم تسريب معلومات العمل للآخرين، سواءً كانت هذه المعلومات تخرج لوسائل الإعلام أو أنَّها خرجت لبعض الموظفين أو لبعض من هم خارج العمل"، مشيرا إلى أنَّه في حال ثبت وجود موظف يُسرِّب معلومات سرية عن عمله لأيّ شخص غير معني فإنَّه بالإمكان أن يُحال إلى "هيئة الرقابة والتحقيق" للتحقيق معه. ولفت إلى أنَّ على المدير أن يختار الشخص القادر على حفظ أسرار عمله، سواءً ما يتعلق بالمدير من أسرار اجتماعاته ومعلوماته الخاصة المتعلقة بالعمل، أو ما يتعلَّق بالمعلومات التي تخص الموظفين الآخرين فلا يتم تسريب شيء منها، مضيفاً أنَّ المحافظة على تلك الأسرار تتطلب خطوة رسمية قبل تعيينه بأن تكون هناك وثيقة رسمية يوقع عليها الموظف قبل تعيينه بالتعهد على أن يكون مسؤولاً مسؤولية كاملة عن أيّ معلومات تتعلق بالعمل. السكرتير أول المتهمين بإفشاء أسرار العمل وشدَّد على ضرورة عدم تسريب المعلومات المتعلقة بالإدارة بشكل خاص أو المعلومات التي تتعلق ببعض الأشخاص، موضحاً أنَّ ذلك مخالف للقانون، مبيناً أنَّ خطوة توقيع الموظف على ورقة يتلزم بها بالسرية الكاملة في حفظ معلومات وأسرار العمل خطوة لا بد منها، لافتاً إلى أهمية تطبيق ذلك على جميع الموظفين، وأشار إلى أنَّ نقل الأخبار التي تتعلق ببعض الموظفين، يحدث حينما يشعر الموظف أنَّ هناك محسوبيات في العمل تختلف من موظف لآخر. وتساءل عن أسباب وجود هذه الظاهرة، موضحاً أنَّ ذلك يحدث من بعض الموظفين الذين يحاولون البحث عن معلومات تتعلق بغيرهم من الموظفين، كمحاولة البحث عن حقيقة وجود زيادة لفلان من الناس أو ترقية، أو غير ذلك، مشيراً إلى أنَّه حينما تكون جميع تعاملاتنا نظامية بشكل كبير، فإنَّه من المتوقع ألاَّ يلجأ البعض للبحث عن معلومات تتعلق بزملائهم في العمل؛ لأنَّهم يرون أنَّه لن يأخذ إلاَّ ما يستحقه في العمل، كما أنَّهم يعلمون أنَّ فلاناً من الموظفين لن يترقَّى إلاَّ لأنَّه يستحق ذلك. وأشار إلى أنَّ من يحاول أن يتقصى معلومات زملائه في العمل، فإنَّه يحاول أن يجد لنفسه مخرجاً من شعوره بالنقص الذي يشعر به تجاه تقدير عمله أو لما يؤديه من جهد، مبيناً أنَّ ذلك الأسلوب في نهاية المطاف يُعد أمراً غير مقبول وتصرفاً غير لبق، كما أنَّه يبتعد كثيراً عن المهنية المطلوبة في الموظف، لافتاً إلى أنَّ القرارات الإدارية قد يسودها أحياناً شيء من التحيز تجاه أشخاص معينين؛ مؤكداً على أنَّ ذلك هو ما يجعل البعض يتدارك خروج مثل هذه المعلومات؛ حتى لا يكون تحت ضغط الطرف الآخر في حال كان المدير لا يرضخ لمطالب موظف ما، وربما وجد من يرضخ بسبب المخالفات الإدارية التي قد تحصل.