التحرش بالفتيات أو الأحداث يندرج في غالب قوانين الدول الغربية وبعض من الدول العربية ودول الخليج العربي ضمن الجرائم الكبرى التي يقع مرتكبها تحت طائلة العقوبة المغلظة والتشهير فعلى سبيل المثال ينص قانون العقوبات بالإمارات العربية المتحدة في مادته رقم 359 المتعلقة بالتحرش على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين من تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو الفعل في طريق عام أو مكان مطروق كما يعاقب بذات العقوبة كل رجل تنكر بزي امرأة ودخل مكانا خاصاً بالنساء أو محظور دخوله آنذاك لغير النساء، فإذا ارتكب الرجل جريمة في هذه الحالة عد ذلك ظرفاً مشدداً) وفي بلادنا نفخر بأننا نحتكم الى الشريعة الإسلامية التي ضمنت الحقوق وكفلت الحريات وحققت العدالة لجميع البشر، إلا أننا لازلنا نفتقر لنظام حازم واضح المعالم مبني على أصول وقواعد الشريعة يعالج قضايا التحرش بشتى صورها وأنواعها في بلادنا، بل اننا نجد تهاوناً وتراخياً في بعض الأحيان من قبل جهات الضبط الجنائي في التصدي لمعالجة قضايا التحرش مما فاقم من بروز هذه الظاهرة التي تتناقلها بعض وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي بين فينة وأخرى، وفي دراسة اجراها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني شملت (992) مواطناً ومواطنة من جميع مناطق المملكة تبين أن 91 % من المشاركين يرون أن ضعف الوازع الديني هو أحد الأسباب الرئيسة للتحرش الجنسي في مجتمعنا ، وأن 76% من المشاركين يرون أن عدم وجود الأنظمة التي تحد من التحرش يؤدي إلى ازدياد حالات التحرش في المجتمع، وأنه ليس هناك عقوبة تعزيرية منصوص عليها وواضحة تحدد مقدار عقاب أو جزاء كل تصرف أو سلوك خاطئ قد يلحق الضرر بالآخرين. وعلى حد علمي لا يوجد حتى الآن توصيف جرمي متفق عليه لهذه الجريمة لدى جهات الضبط والتحقيق والواقع أن التكييف والوصف لها سلطة تقديرية مرهونة بتقدير رجل الضبط الجنائي وجهة التحقيق، واظن أن هذا الفراغ التشريعي يستلزم أن تبادر السلطة التشريعية في البلاد لتبني مشروع قانون التحرش الذي سيسهم في الحد من بروز هذه الجريمة وردع مرتكبيها وحسم الاجتهادات الحالية التي تمارسها جهات الضبط والتحقيق في توصيف وتكييف هذه الجريمة.