أنت لست شخصية مثالية، قد تكون سريع الغضب أو تمارس القلق كهواية أو سريع النسيان أو بك عيوب كثيرة كما يقول المقربون منك، لكن لو نظرت حولك لا أظن أنك ستجد نفسك محاطاً بشخصيات مثالية، لكنك محاط بشخصيات متنوعة في سماتها ومختلفة في ردود فعلها وفي فلسفتها ونظرتها في الحياة. قد تصف أحدهم بأنه مشغول بالدنيا، وآخر بأنه مهووس بالعمل وثالث بأنه خال من الطموح ورابع بأنه كسول وخامس بأنه أناني. صفات كثيرة تسقطها على الآخرين وربما يصفك الآخرون بها لكن لا يمكنك أن تختصر الإنسان في صفة واحدة ولا تحصره في نموذج محدد، فالشخصية البشرية معقدة، وأنت أيضاً يصعب عليك أن تفسر نفسك أحياناً، بل إن تصرفاتك نفسها أحياناً تدهشك أو تذهلك أو تفاجئك تجعلك تكتشف جانباً مختلفاً في شخصيتك لم تره من قبل، بل إنك أيضاً قد تعجز عن تبرير بعض تصرفاتك كالغضب المبالغ فيه مثلاً، فقد تقول معتذراً"معليش فقدت أعصابي" أو "اعتذر لأنني لا أعرف ما الذي جعلني أتصرف هكذا" أو "لا أعرف ما الذي استفزني" وكل إجاباتك السابقة تدل على إنك لا تجد مبرراً واضحاً لتصرف غاضب غير منطقي قمت به. قد تفسر علاقتك بكل ما حولك بأنها ردود أفعال وقد تتأمل ردود أفعالك اليومية، فأنت تكثر من السب والشتم كلما زاد ازدحام السيارات وحاول أحدهم مضايقتك في زحمة الظهر، وقد تعود للمنزل باحثاً عن طريقة تفرغ بها طاقة من الغضب التي تجمعت بسبب حادثة في مكان العمل فتصبح كائناً سريع الاشتعال قابلاً للاستفزاز، وتحول منزلك إلى بيئة متوترة بلا سبب منطقي. وقد تتجنب سهرة الأصدقاء الأسبوعية لأن أحدهم ضايقك بكلمة أو تصرف في مرة سابقة. لو تأملت في ردود أفعالك هذه لربما وجدت فيها مبالغة، خاصة حين تحكمك ردة الفعل هذه وتقلب كيان يومك وربما بقية أسبوعك. مزاجك معكر كما يقولون لكن هل الأسباب منطقية هل هي معقولة؟ هل تستحق منك كل هذا الضغط العصبي والانشغال والتفكير وربما اجترار المواقف بتفاصيلها مع المقربين إليك واحداً واحداً لتشحن خلاياك العصبية وتشغل ذهنك بمواقف حدثت وانتهت وبتصرفات من الأفضل لك أن تتجاوزها وبأشخاص يفترض أن تسقطهم من حساباتك ولا تنشغل بهم.؟ الأمر أبسط كثيراً مما يصوره لك عقلك، فأنت على اتصال وتواصل بكل ما حولك، كل ما عليك هو ألا تختصر نفسك في ردود أفعال، وأن تدرب نفسك على التنفس العميق.