تعد السياسات الاقتصادية العامة أو القطاعية ذات أهمية وضرورة ملحة في أحيان كثيرة لتوجيه الأنشطة التنموية ووضعها في المسارات التي تؤدي إلى بلوغ أهدافها، فهي كما نعلم تمثل مجموعة القرارات التي يتم اتخاذها في ميدان اقتصادي معين، والسعى إلى ضمان تنفيذها عبر مجموعة من الوسائل والأدوات الخاصة بذلك، والمملكة في هذا المجال وعلى مدى سنوات هي من تتصدر قائمة الدول الأفضل أداء في السياسات الاقتصادية بالعالم العربي، وسياساتها في هذا الشأن تتراوح بوجه عام ما بين سياسات مالية ونقدية واستثمارية. فمن خلال السياسة المالية وأدواتها تتم إدارة الأنشطة الاقتصادية، والعمل على تفادي ما قد يعانية السوق من اخفاقات في أداء تلك الأنشطة، فضلاً عن تحقيق التوزان الاقتصادي لبلوغ المستويات التي تستهدفها عملية التنمية، وفي هذا الإطار تتبنى المملكة في الوقت الحاضر سياسة مالية تقوم على التوسع في الإنفاق العام بحيث يشكل هذا الإنفاق الأداة الأساسية لحفز النشاط الاقتصادي وتوسيع القدرة الإنتاجية لعرض المزيد من السلع والخدمات، ويظهر ذلك واضحاً في قطاع الإسكان عبر حجم الإنفاق من الموارد المالية الموجهة نحو تطوير الأراضي السكنية، وتقديم القروض لامتلاك المساكن. أما من حيث السياسة النقدية فتتولى مؤسسة النقد القيام بالدور المحوري في هذا المجال، من خلال إدارة السيولة المحلية بما يلبي متطلبات الأسواق، وبما يضمن تجنب الضغوط التضخمية، وعبر تبني مجموعة من الإجراءات الكفيلة بالنهوض بمستوى أداء هذا الدور، الذي يشمل قيام مؤسسة النقد بتعزيز ضوابط الرقابة المصرفية، إضافة إلى مواصلة تطوير الأسواق المالية وزيادة كفاءتها بما يؤهلها لتعزيز الدور التنموي للقطاع الخاص، ونلمس أداء تلك السياسة النقدية في قطاع الإسكان من خلال منظومة التمويل العقاري، الذي صدر مؤخراً الترخيص لمؤسسات مالية بمزاولة نشاط التمويل العقاري والتأجير التمويلي تحت مظلة تلك المنظومة للتمويل، والتي تشمل نظام التمويل العقاري ونظام التأجير التمويلي ونظام مراقبة شركات التمويل ولوائحها التنفيذية التي تخول مؤسسة النقد الاضطلاع بمهام تنظيم قطاع التمويل العقاري في المملكة عبر منح التراخيص اللازمة للجهات المتخصصة والإشراف على أعمالها وأنشطتها. أما السياسة الاستثمارية التي يشكل التوسع الاستثماري العام والخاص أحد أهم آليات تعاملها مع ما تواجهه عملية التنمية من مستجدات، فهي تستهدف تهيئة المناخ الاستثماري الجاذب للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، إضافة إلى زيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي لتلبية الاحتياج المتزايد من السلع والخدمات العامة، ومتطلبات تحسين نوعيتها، فضلاً عن تحفيز النشاط الاقتصادي والاستثماري، وهي السياسة الاقتصادية التي يرى البعض أن من الأهمية تعزيز وسائلها وأدواتها المتبعة حالياً في قطاع الإسكان تحديداً لتتواكب في فعالية الأداء والنتائج بالسياستين الاقتصاديتين الأخريين المالية والنقدية.