بحضور صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، نظمت الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع أمانة محافظة جدة لقاء مع المؤرخ الكوبي ايسبيو ليال سبينقلير والذي استعرض تجربته لتأهيل وترميم وسط مدينة هافانا الكوبية، وذلك في مسرح المقر الرئيسي لأمانة محافظة جدة، بحضور أمين محافظة جدة الدكتور هاني أبو رأس وأمين المدينةالمنورة الدكتور خالد طاهر وعبدالله زينل وزير التجارة والصناعة السابق، وعدد كبير من المسؤولين والإعلاميين والمثقفين. وقد قدم اللقاء مدير عام الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكةالمكرمة محمد بن عبدالله العمري، حيث عبر في بداية حديثه عن شكره لاهتمام سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة وحضوره هذا اللقاء الذي يخدم جدة التاريخية من خلال الاستفادة من خبرات مؤرخ هافانا الفريدة في تحويلها إلى مدينة عالمية تاريخياً واقتصادياً وسياحياً، مشيراً إلى أن من قاموا بتنفيذ المشروع يمكن أن يساهموا في تنفيذ مبادرة شبيهة في جدة التاريخية، مضيفاً أن أعمال الترميم التي قام بها مؤرخ هافانا مثال يحتذى. واكد العمري أن أي عمل حكومي في تطوير جدة التاريخية لا يمكن أن يتم لولا تفاعل الملاك والمهتمين والمستثمرين خاصة وإن بيوت جدة التاريخية مملوكة لأسر حريصة على التطوير، مشيداُ في الوقت ذاته بجهود صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أبان إشرافه على إمارة المنطقة ورئاسته للجنة العليا لتطوير جدة التاريخية، ومؤكداً على اهتمام أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز وتوجيهاته السديدة باستمرار دعم إمارة المنطقة لجدة التاريخية، كما أبرز العمري الجهود المبذوله من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة رئيس مجلس التنمية السياحية رئيس اللجنة التنفيذية لجدة التاريخية وبأمين جدة د. هاني أبوراس نائب رئيس اللجنة التنفيذية لجدة التاريخية. بعد ذلك ألقى سفير جمهورية كوبا لدى المملكة خوسيه انريكي كلمة مقتضبة أكد من خلالها على العلاقات التي تميز المملكة مع كوبا وعن سعادته بالتعاون مع المملكة في مختلف المجالات ومنها مجال العمارة والتراث والتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة جدة، معرباً عن استعداد بلاده لاستطلاع فرص تبادل الخبرات والتعاون الثنائي. كما أبرز السفير الكوبي جهود المحاضر ومسيرته الطويلة في خدمة التراث الوطني لكوبا، واعطى لمحة موجزة عن سيرة المحاضر الذاتية التي تضمنت رصيداً وافراً من الكفاح والجهود الكبيرة والتي ترجمتها شهاداته العلمية العالية وعضوياته وأنشطته الأكاديمية العديدة والجوائز العالمية التي حصل عليها والتي تجاوزت 23 وساماً وجائزة دولية. إثر ذلك ألقى مؤرخ مدينة هافانا ايسبيو ليال سبينقلير محاضرته والتي حملت عنوان (التراث الثقافي والتنمية المحلية)، والتي بدأها بالإشادة بما تتمتع به المملكة من مكانة مرموقة كونها مهبط الرسالة وعلى أرضها كانت محوراً لأهم الأحداث التاريخية العالمية، مبدياً إعجابه بزيارة المملكة ومدينة جدة تحديداً والتي تجول فيها واطلع على مجالات وأعمال الترميم والتطوير التي تجري فيها حالياً. وعلى مدى أكثر من ساعتين، حلق المؤرخ الكوبي بالحضور في رحلته الطويلة في تأهيل وتطوير مدينة هافانا والتي بدأت منذ العام 1967 لترميم التراث الثقافي والفني الهائل للعاصمة الكوبية من خلال تنظيم الجزء القديم من هافانا والاشراف على ترميم المباني التاريخية فيها والمسماة (هافانا القديمة) والتي تم اعلانها ضمن مواقع التراث الانساني في منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو». وتناول المحاضر العديد من المحاور كان أولها عملية الحصر، الترميم، التحديات، الاستراتيجية، مبيناً أن أبرز التحديات كانت الأعاصير وأمواج البحر التي كانت ترتفع إلى أكثر من 30 متراً وتضرب واجهة المدينة، بالإضافة إلى الصراع بين التكنولوجيا والثقافة والمحافظة على التقاليد. وأوضح مؤرخ هافانا أن بداية مشروع الترميم الضخم كانت المواقع التي تحتاج إلى تأهيل 40% من المدينة، وأكثر من 1000 مبنى يستلزم إجراء ترميم، مشيراً إلى أنه تم حتى الآن انجاز ترميم 700 منزل وذلك من خلال الدعم الحكومي الكامل في المراحل الأولى، أمل المراحل التالية فقد تم تقديم دعم جزئي للملاك. وتابع أصبحت هافانا اليوم تستقبل أكثر من مليون زائر سنوياً وتحول الإرث العمراني إلى عامل جذب سياحي واقتصادي من خلال تحويل الساحات والمنازل القديمة إلى مواقع تجارية يبيعون فيها العديد من المنتوجات واستفاد الأهالي من المواقع بمختلف شرائحهم سواء الأطفال أو كبار السن أو المعوقين، بالإضافة إلى توفير فرص العمل والإسكان. بعد ذلك فتح المجال للرد على استفسارات الحضور، والتي تمحورت معظمها على كيفية الاستفادة من تجربة هافانا في تأهيل وتطوير جدة التاريخية، حيث أجاب المؤرخ الكوبي أنه خلال زيارته للجزء القديم لمدينة جدة والذي اعتبره تصميماً دقيقاً جداً ومشابهاً لمدينة هافانا، مؤكداً أن أي تحويل أو تطوير لابد أن يحدث بسواعد أبناء الوطن لأي بلد وإيمانهم بقيمة تراثهم وإرثهم التاريخي، وعن المدة المتوقعة لإنجاز مشروع جدة التاريخية قال «الوقت يحدده الميزانيات المالية المرصودة وأنا متفائل بأن جدة سيكون لها مستقبل جميل قريباً».