حذر الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، أساتذة الجامعات من شغل الطلاب بالقضايا السياسية الكبرى، داعياً إلى قصر طرحها على الهيئات كهيئة كبار العلماء والمجالس العلمية والمجامع الفقهية، مبيناً أن كل إقليم إسلامي له حاكم فهو إمامه ويلزم له السمع والطاعة ولا يلزم اجتماع الأمة على إمام واحد، داعياً طلبة العلم إلى تجنّب المسارعة إلى تبديع وتصنيف من يخالفهم والنيل منه، مطلقاً اسم "الربيع العربي" على ما أصاب بعض الدول الإسلامية من فتن. ونبه الشيخ الفوزان، لدى لقائه أعضاء هيئة التدريس والمدرسين والإداريين بالجامعة الإسلامية، إلى أن معالجة قضايا الأمة الكبرى يجب أن يُقتصر على الهيئات والمجالس العلمية كهيئة كبار العلماء ومجمع الفقه الإسلامي بمكة ومجمع منظمة التعاون الإسلامي، أما الطالب فهو في طور إعداد نفسه فلا يُشغل بمشكلات فوق مستواه. ورداً على تساؤل طلاب الجامعة عن كيفية البيعة الشرعية مع انتقال الطالب من بلده إلى المملكة وتعدد الحكام باختلاف البلدان، قال الشيخ الفوزان، إن كل إقليم استقل به حاكم فإنه يعتبر إماماً لهذا الإقليم يلزم له السمع والطاعة، مشيراً إلى وجود هذا الأمر عند المسلمين منذ انتهاء الخلافة العباسية وتفرق الأقاليم، نافياً اشتراط أن تكون الولاية عامة "لأن هذا لا يحصل، ولو حصل لكان طيباً، فلا يُضيّع الأمر كله. وحذّر الشيخ الفوزان مما يقوم به بعض المنتسبين للعلم من المسارعة إلى النيل من مخالفهم وتصنيفه وتبديعه، نافياً أن تكون تلك صفة طلاب العلم، لأنهم يترفعون عن تنقص زملائهم وإخوانهم كما يرشدهم العلم، داعياً في الوقت نفسه أساتذة الجامعة إلى تجنّب التوسع في الخلافيات إلا إذا كانت ضمن المقرّر. وحول اختلاف المذاهب التي ينتمي إليها الطلاب في بلدانهم وكيفية تعامل الأساتذة معها قال، إن مذاهب أهل السنة كلها فيها خير، وعلى الأستاذ ألا يجرّحهم ولكن يوجههم للمذهب الراجح ويزيدهم من الحرص على التزود من العلم، فالعلم يخدم بعضه بعضاً ولا يتنافر. كل إقليم له حاكم يجب له السمع والطاعة ولا يلزم اجتماع الأمة على إمام واحد ووصف الفوزان عدم التزام أساتذة الجامعات عموماً بمفردات المنهج واللجوء بدلاً من ذلك إلى مذكرات تختزل المقرر ب "الخسارة والغشّ من المدرّس" لأنه يخل بواجبه الوظيفي، ولجان المناهج أعلم بمصلحة الطلاب وضعت الكتب المقررة بعناية، كما أن تشتيت أذهان الطلاب بما يشغلهم عن المنهج الذي بين أيديهم يفتح عليهم أبوابا تصرفهم عن الهدف الأساس. وأوصى الشيخ الدكتور الفوزان، الدعاة في البلدان الإسلامية بالتصالح مع الحكام والولاة والبدء بدعوتهم باللين واللطف حتى يكونوا عوناً للدعوة محذّراً من مشادتهم ومنابذتهم. وقال الفوزان: "عليكم أن تبدأوا بهم كما تبدأون بالعلماء المخالفين لكم، وكما أمر الله تعالى موسى وهارون في شأن فرعون، فالدعوة لا تقوم إلا بولاة الأمور، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأويني حتى أبلغ رسالة ربي، وبين أن أقرب مثال على ذلك الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- حيث أول ما بدأ الدعوة اتصل بأمراء نجد حتى وجد من يأويه ويناصره من آل سعود، ولو أنه نابذ الأمير ووقف يسب الأمير على المنابر أو في المجالس لبطش به الأمير أو طرده من البلد ولم يحصل على شيء. وأضاف: "أنتم لا تقدرون على تنفيذ الدعوة إلا بسلطان، والسلطان يحتاج إلى أن يُبدأ به في إقناعه ودعوته إلى الخير، ولا تيأسوا منهم ادعوهم وناصحوهم باللطف واللين ولا تشادوهم فهم أقوى منكم، فإذا هداهم الله صاروا عوناً لكم". وفي جواب على سؤال من أحد الطلاب حول ما يجده الخريجون من بعض إخوانهم السلفيين ممن يحذر من خريجي الجامعة لأنهم لم يتبعوا طريقته في الرد على المخالف، قال إن عليكم أن تبدأوا وتتفاهموا معهم وترشدوهم إلى الطريق الصحيح الذي يجب عليكم جميعاً اتباعه، أما إذا بدأتم بالمناوشة معهم فلن تستفيدوا شيئاً. من جانب آخر، وجّه الشيخ صالح الفوزان في محاضرة له لطلاب المعاهد والدور بالجامعة الإسلامية إلى التمسك بالهدي النبوي والسنة النبوية التي هي الأصل الثاني بعد القرآن الكريم لمعرفة الدين، مبيّناً للطلاب أن يسلكوا الطريق الصحيح لتعلّم السنة وتعليمها.