الحكمة والرؤية الصائبة والمنطق والقانون والشرع، كل ذلك تجسد في الأمر الملكي الكريم القاضي بالسجن من 3 إلى 20 سنة لمن يشارك في القتال خارج المملكة، وللمنتمين للتيارات والجماعات الإرهابية، ومن 5 إلى 30 سنة لمرتكبي ذلك من ضباط القوات المسلحة. لاشك أن قرار السلم والحرب منوط بولي الأمر ابتداء وانتهاءً، ولو ترك الأمر لكل فرد لفسدت الأمور، ولاختلط الحابل بالنابل، ولن يأمن شخص في بيته أو عمله، خصوصاً في زمن الفتن، واختلاف الآراء، وصدور الفتاوى من غير أهل العلم، لذا جاء الأمر الكريم، أولاً من أجل الأمن والاستقرار والحفاظ على الوحدة الوطنية وهيبة الدولة، ثم حفظاً لأبناء الوطن، وحقناً لدمائهم، وتطويقاً للفتنة التي يروح ضحيتها أبناء الملة الواحدة، وهو في الوقت ذاته خط أحمر أمام العبث بأمن الوطن واستقراره، واستكمال لوسائل الحرب ضد الإرهاب، وإغلاق للطريق أمام الأفكار والانتماءات الدخيلة، ووقف لفتاوى الجنون والمزاج والزج بالشباب في أتون القتال بلا هدى ولا بصيرة ولا كتاب منير، وهو منهج شرعي لحفظ المصالح العامة، وضبط الأمور ووضعها في نصابها، وتعزيز لإجراءات مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعة، لأن القيام بالجهاد بشكل فردي نوع من الجنون والعبث والخروج عن الشرع. وأوجد الأمر الملكي الكريم آليات ووسائل لرصد التيارات والجماعات الإرهابية وتحديث البيانات حولها، حتى لا تغوي الشباب وتضعف دوره في البناء، وتجعله ينحرف عن جادة الدرب، ويلتفت عن هم البناء والتعمير، وهو يمثل خطوة مهمة في التصدي للعنف والإرهاب، ومواجهة الخطاب الجهادي الغوغائي الذي يزرع للموت، ويقتلع جذور الحياة، ويكرس الحقد والكراهية، وخلط الأوراق لأنه ينطلق من فهم خاطئ للدين، ويبتعد عن قواعد الشرع وأصوله، كما أنه يمثل حماية للشباب المغرر بهم، وتوعية للمجتمع، بحقيقة خطر التيارات والفئات الضالة، وتأكيداً لمنهج الاعتدال الذي يسير عليه الحكم السعودي، فضلاً عن كونه استيفاء للجوانب القانونية والشرعية والإنسانية التي تحفظ حياة المواطن وكرامته، والبعد عن الفوضى، والمزاجية الفردية، وسطوة الأفكار المضللة والفتاوى التكفيرية، وما يترتب على ذلك من انتهاك للحقوق، وزهوق الأرواح بلا حق، وتعطيل عملية التنمية، وإذكاء روح القتال بلا معترك ولا قضية. لقد عودنا قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - أن يصدر الأمر المناسب في الوقت المناسب من أجل مصلحة الأمة ومصلحة الوطن، حفظه الله ورعاه.