جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القاضي بعقوبة من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة أو انتمى لجماعات دينية أو فكرية متطرفة وإرهابية أو قدم دعما ماديا أو معنويا لها؛ ليؤسس مرجعا قانونيا قادرا على مواجهة دعم وتمويل الإرهاب؛ والانخراط في العمليات القتالية خارج الوطن؛ والتي باتت تُستغل لإلصاق تهمة دعم وتمويل الإرهاب بالمملكة؛ الدولة الأكثر تضررا من إرهاب الجماعات المتطرفة؛ والإرهاب الدولي الذي تقوده بعض الدول المارقة. أهمية الأمر الملكي الكريم حملت الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز؛ أمير المنطقة الشرقية؛ على البدء به في مجلسه الأسبوعي؛ الذي بات يمثل ملتقى فكري وإداري على مستوى المنطقة. أشار الأمير سعود بن نايف إلى أن «القرار الحكيم من مقامه الكريم يمس كل بيت وكل أسره لخروج بعض أبنائنا إلى أماكن لا يراد بها لهم خير وأن توجيهه حفظه الله للجهات المعنية لدراسة هذا الأمر والوصول إلى وضع الآليات وطرق مناسبة لحفظ شباب هذا الوطن من السقوط في بعض المهالك التي لا تكون واضحة بالنسبة لهم ، هو استشعار منه حفظه الله لدور القيادة الفعلية وحفاظاً على أبنائه ومواطني هذه البلد المباركة» الأكيد أن شريحة الشباب المتحمس هي المستهدفة من قبل الجماعات المتطرفة؛ في الوقت الذي يكون فيه المتعاطفون مع قضايا النزاعات العربية أكثر استهدافا بالتمويل المالي؛ وهذه من وجهة نظر خاصة الأكثر خطورة على المجتمع السعودي. فالتمويل المالي المتدفق لمناطق النزاع؛ هو عصب الحياة للجماعات المتطرفة؛ أما الدعم والتأييد والتعاطف؛ فيتسببون في تحفيز الشباب المتحمس للخروج. أجزم بأن الأمر الملكي الكريم وضع حدا لاستهتار الشباب بأرواحهم؛ ومصالحهم ومصالح وطنهم وأهليهم؛ وسيسهم في وقف فتاوى القتال المنفلتة من كل عقال؛ وهو أمر غاية في الأهمية؛ إضافة إلى ما سيحققه من تأطير للطرح الإعلامي؛ والنهج الدعوي والفكري؛ فالقانون هو الكفيل بحفظ الحقوق؛ وحماية الوطن ومواطنيه من كل ما قد يتسبب في الإضرار بهم مستقبلا. إضافة إلى تحقيقه العدالة برفع الجهالة أولا عن كل من يهم بالخروج لمناطق النزاع؛ من خلال إعلامه بمآلات الأمور والعقوبات المتوقعة؛ ثم الاحتكام لمواد قانونية صريحة لا تحتمل اللبس؛ في حال المخالفة القانونية. تأجيل تطبيق الأمر لثلاثين يوما تعطي فرصة لعودة المتواجدين في مناطق القتال إلى أرض الوطن دون تعرضهم لعقوباته. إشاعة ثقافة القانون؛ والاحتكام له؛ وضبط المجتمع بمواده الصريحة الشفافة؛ تقضي على فوضى الاجتهاد؛ وتحد من الأعمال المخالفة للقانون؛ والمتعارضة مع مصلحة الوطن والمواطنين؛ فالمجتمع في حاجة أكبر إلى سن مزيد من القوانين الحافظة لما أمر الله بحفظه وأوجب حرمته؛ وفي مقدمها النفس البشرية؛ التي باتت أرخص لدى بعض الدعاة من شربة الماء؛ والعياذ بالله. أما حرمة المال؛ فهي لا تقتصر عل جمعه؛ بل على إنفاقه أيضا؛ وأحسب أن دفع الأموال لجماعات الإرهاب؛ تحت غطاء التبرعات الإنسانية؛ أو الجهادية؛ وإن كان بحسن نية؛ يمكن تصنيفه ضمن الدعم المحرم شرعا وقانونا؛ إضافة إلى ما يترتب عليه من قضايا دولية على علاقة بتمويل الإرهاب. فعلى الرغم من محاربة المملكة للإرهاب بجميع أشكاله؛ وتجريمها عمليات دعمه وتمويله؛ إلا أنها ما زالت تتلقى الاتهامات الجائرة لأسباب مرتبطة بتصرفات بعض مواطنيها المنخرطين مع جماعات الإرهاب. تأتي الاتهامات الدولية المتكررة ضد السعودية ضمن مخطط إستراتيجي متقن يُهدف من خلالها تقويض أمن الوطن واستقراره مستقبلا. بإصدار الأمر الملكي الكريم تكون المملكة قد قطعت الطريق على كل من أراد أن يجرها لمستنقع الإرهاب؛ ظلما وعدوانا؛ ووضعت حدا لتمادي دعاة الفتنة؛ ومحرضي الشباب؛ ممن كانوا سببا فيما تتلقاه المملكة من اتهامات دولية؛ وما تحمله الأسر من مآسي بسبب فقدانهم أبنائهم في مناطق النزاع. أختم بالقول إن الأمر الملكي الكريم لم يكن موجها ضد جماعة محددة؛ بل يشمل جميع الجماعات الإرهابية والمتطرفة؛ بغض النظر عن تصنيفها العقدي؛ المذهبي؛ والفكري.