شواهد دولتين.. يلتقيان بوجود استقلالية بارزة وحقيقية وجزالة وجود تنوّع اقتصادي وحرية علاقات، حيث لم تُصنّف دولة معينة بأنها مصدر عداوات معهما.. لا شيء من ذلك.. صحيح قد توجد مواقف رفض مع طرف أو آخر، لكن ذلك لم يعنِ أبداً وجود ميلاد خصومة تعرقل أي شيء لطموحات إحداهما.. نحن في العالم العربي أصبحنا أكثر اهتماماً بإدراك وجود الشواهد التي أصبحت نادرة وقليلة كي توضح بها جزالة خطأ الأفكار والتصرفات لدى أكثرية الدول العربية.. أكثر اهتماماً لأننا نريد إيضاح تميّزات الشواهد من ناحية، وإدراك مسببات تخلّف الأكثرية وصعوبة خروجها من خيارين: إما أن تكون.. مع، أو أن تكون.. ضد.. وهذا ما لم يحدث في الدولتين.. أعني المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات التي في واجهتها منطقة دبي حيث التجمع السكاني محدود جداً والمساحة الحدودية هي أيضاً محدودة جداً، ومع ذلك فهناك حضور لا يتوقف عند كلمة الاستقلالية، وإنما عند تعدّد العلاقات وتعدّد القدرات ضمن الخصوصيات.. الطريف في الأمر أنه توجد اختلافات رؤى وممارسات لكن لا خلاف في علاقات ولا تعدّد اتصالات وتعدّد مكاسب.. في المملكة توجد محافظة قديمة لم نقل إنها هُزمت؛ لكنها تحسنت في تطوير المفاهيم وتنوّعات العلاقات.. واقع قديم لم تتمكن ظروف الفقر القديمة وتعدّد محاصرة المملكة بمستعمرات عربية مع بريطانيا أو فرنسا أو تلاعب الأمريكيين بواقع عربي جزل القدرات مثلما فعلوا مع العراق بعد نهاية حكم صدام حسين الذي أسف الناس على غيابه بعد أن كانوا بجماعية يتمنون ذلك فإذا بهم بعده يتمنون وجوده.. نعم تمكنت المملكة أن تتجاوز ببسالة محاولات تهديمها بدءاً من الجنوب وشرقاً وشمالاً لكن فشلت كل تلك المحاولات وانطلقت المملكة نحو واقع حضاري متميز ومتعدد، حتى شاهد الجميع ابتعادها كثيراً علمياً واقتصادياً وعالمياً في هذا الوقت عن واقع العالم العربي.. الإمارات - وفي واجهتها دبي - رغم مناسبة الاستقلال الحديثة إلا أنها في واقع لم يتوفر عند أي دولة عربية أخرى عن نواحي الاستقلالية الحقيقية.. جزالة قدرات الاقتصاد.. بل تفوقها في ذلك.. مستويات الفنون.. مستويات الأمن العام.. براعة الابتعاد عن الخصومات.. كيف فشل العالم العربي في محاولة أن يكون له من ذلك.. كيف لم تفلح دول أكبر، أو تنجح دول أغنى في الماضي القريب؟.. بل كيف لم يتوفر وجود رأي عام يردع توجهات السقوط في مواقع التخلّف والعجز..