لا يختلف اثنان على أن كلاً من المملكة وتركيا يلتقيان بجوهريات عديدة في طبيعة حياة المجتمع، وأيضاً في سلوكيات التعامل مع الآخرين.. في حين نجد وبشواهد غير مجهولة أن الشرق الأوسط تحوّلت مجتمعاته إلى منطلقات خلافات لم تتوقف عند واقع خلافات رأي أو رؤية، وإنما أيضاً بما حملته التصرفات من نتائج خصومات لم تكن بالسهلة.. نحن نعرف وبشكل واضح أن العالم - بما يمكن أن نقول معظمه - قد خرج من عصور الخلافات القديمة عندما كانوا يثيرون حروب الحدود مثلاً وسائل بروز خارج ركود منتشر، حيث انطلقت شعوب كانت محدودة للغاية في قدراتها العسكرية وفي حضورها السياسي وفي إمكانياتها.. انطلقت في واقع معاصر إلى تميّز سيادة خاصة من ناحية، ومن ناحية أخرى توفر تعدد القدرات الاقتصادية، وأصبحت علاقات التعامل دولياً وتوجهات المصالح الخاصة هما منطلق تنوير العلاقات والمصالح.. شرق آسيا مثلاً هو أفضل هذه الشواهد.. تركيا.. ليست بالبعيدة جغرافياً عن واقع الارتباك العربي والتدني إلى ما هو أسفل، وحاولت أن تنمّي مصالح علاقات مشتركة بدلاً من افتعال الخصومات.. لكن على سبيل المثال واقع العراق أو سوريا لا يهيئ ذلك.. نأتي إلى المملكة فنجد أنها وعبر ما لا يقل عن الثمانين عاماً لم يحدث أن تحالفت مع طرف عربي ضد آخر، ولم يحدث أن وجّهت إلى اجتماعات قمة عربية للتقليل من آخرين أو للدخول في مهمة كسب طرف مخالف على طرف له نفس السلوك.. وفي الحقيقة أن واقع التعدّد في قدرات الاقتصاد، وكذا في مستويات التعليم وفي جزالة الرؤية السياسية وفق ما هو عليه واقع دول الأولوية العالمية أعطى - وبوضوح جزيل - الكثير.. الكثير.. من واقع التوافق بين المملكة وتركيا.. وهذا لم يأتِ باجتهاد مفاجئ لكنه طبيعة واقع سلوكي في العلاقات دولياً أو إقليمياً.. ولذا فكلنا نثق أن محادثات سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز لن تكون محدودة الأهمية أو محدودة صيغ التعامل، حيث لا يوجد تحفّظ علاقات كما هو عند الآخرين، وإنما توجد دوافع تطور جزالة مختلف العلاقات بين الدولتين.. الأمر الذي يجعلنا نثق بأن اللقاء مع الإخوة الأتراك لن يكون مجرد حوارات تقليدية، ولكنه بالتأكيد يعني تلاقي تعدّد إيجابيات مشتركة، حيث يوجد في سياسة وسلوكيات وطبيعة العلاقات بين الدولتين ما يبرهن على تأكيد ذلك..