زيارة فخامة الرئيس المصري د. محمد مرسي للمملكة لن تعني حضوراً تقليدياً أو محاولة كشف مشاعر، ذلك أن العلاقة بين المجتمعين السعودي والمصري تختلف تماماً عمّا هي عليه أوضاع العلاقات بين دولة عربية وأخرى.. ولا يعود الأمر إلى مسألة نوعية تبادل مصالح، فغالباً ما يكون هذا الأمر مرهوناً بظروف المصالح مثلما هو الحال مع أي دولة أجنبية وبالذات الدول الكبرى.. حيث لا تستطيع أن تعتبر تلك المصالح واجهة أمان في استمرارية تلك العلاقات.. الأمر الذي يجعلها في ظروف مستجدة قد لا تتوقف عند التزام بمشروعية وضرورات التعاون، بل قد تأتي ظروف تحوّل العلاقات إلى خصومات.. ونحن نعي جيداً كيف أن مشاكل منطقتنا لم تتناولها طبيعة المصالح المشتركة بدحر مخاوف مختلف التدخلات التي قد تأتي بما هو أخطر.. المملكة ومصر ومنذ ما لا يقل عن نصف قرن برزتا عربياً وأوسطياً وهما مصدر قوة الحضور العربي.. وتقاربهما المستمر يعني ردع أي محاولات لإدخال أي مزيد من الخصومات، أو فتح المسارب لمن يرغب أن يسيء.. نحن أمام حقيقة لا مجال لإنكارها.. وأعني بذلك أن التقارب المصري - السعودي وعلى مدى سنوات طويلة كان يمثل - مهما تعددت التجاوزات أو المخاطر خارجهما - كفاءة الوجود العربي القادر على كبح التدخلات والحافظ بنزاهة وكفاءة مواطنه لكل وسائل التقارب والتعاون بين الشعبين عبر وسائل تعاون متعددة القدرات.. نعرف جيداً كيف تم تقسيم العراق من داخله؟.. كيف تم إخراج لبنان من مثاليات وجوده السياحي والثقافي ليكون تحت ظل مخاطر تعدّد الانتماءات؟.. شاهدنا كيف مرّت تونس بصعوبة استقرارها؟.. ونفس الشيء يقال عن ليبيا.. وندرك بشكل جيد كيف بُذلت جهود آثمة كي يبقى اليمن وسيلة تراجع حضاري لإعاقة أي تقدم آخر.. ولعل سوريا خير شاهد في الماضي قبل نصف قرن عندما كانت تأتي منها أفكار منطلقات التقارب بمحاولات إثبات التنوّع الحداثي الجديد في أساليب الحكم.. لكن إلى أين انتهت سوريا؟.. لا يحتاج الأمر إلى شواهد؛ فالمملكة ومصر هما جزالة شعبية المواجهة والوعي لأي محاولات انتشرت عند غيرنا ولم تجد لها حضوراً بين شعبينا.. إذاً نحن لا نتحدث عن مصالح خاصة، وإنما نتحدث عن حضور سعودي ومصري عبر تعدّد جزالة مختلف العلاقات لصيانة الوجود العربي بصفة عامة، ولصيانة تعدّد شواهد كفاءة الحس الوطني والاقتصادي والاجتماعي الذي واجه أي محاولات تسريب منطلق عداوات.. هذا لم يحدث وفشلت بعض وسائل إعلامية في طرح أي إيهام يوحي بذلك.. نحيّيك فخامة الرئيس، أنت الرجل الذي وصل إلى المكانة القيادية الأولى دون أن يفرضك أحد، مثلما هو الحال قبلك عبر سنوات طويلة، وأتت بك غالبية الثقة فيك..