تابعنا بالأمس تصريحات الأمير محمد بن نواف سفير خادم الحرمين الشريفين في لندن التي أكد فيها دعم بلادنا للجيش السوري الحر والمعارضة في مواجهة الإرهاب الحقيقي الذي يمارسه نظام الأسد. تلك التصريحات وإن كانت رداً على ما نشرته صحيفة الاندبندنت البريطانية من ادعاءات بشأن تمويل المملكة لتنظيم دولة العراق والشام المعروف اختصارا بداعش، إلا أنها وجهت رسالة للمجتمع الدولي الذي ساهم تخاذله في انتشار الجماعات المتطرفة في سورية، وأيضا إلى تلك الأصوات فيما بيننا التي لازالت تخالف توجهات الدولة وتدعو شبابنا إلى القتال في صفوف داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة. وهنا يجب التنويه إلى أنّ من يدعو للجهاد في سورية على نوعين لا ثالث لهما، الأول من تأثر بما يجري من قتل وتصفية من قبل قوات النظام ومن معه من مليشيات طائفية فهبّ لنصرة إخوانه السوريين، والثاني من أراد لتلك المعركة أن تتحول إلى ساحة تدريب وتجنيد لشبابنا من أجل إحياء تنظيم القاعدة عند عودتهم من القتال في سورية. ولكن لابد أن يدرك هؤلاء جميعا أن هناك العديد من الألوية الإسلامية المعتدلة التي تحارب تحت راية الجيش الحر وهدفها الأساسي الدفاع عن عائلاتهم ومدنهم من بطش النظام، والسعي إلى إقامة وطن جديد يضم كل السوريين ولا مكان فيه للأسد ولا رموز نظامه التي تلطخت ايديهم بدماء الشعب السوري، وتلك الألوية وغيرها ممن انضوت تحت الجيش الحر تعلن دائما بأن لديها ما يكفي من عناصر، وأن ما تحتاجه هو الأسلحة النوعية التي تقاوم بها ما يمتلكه النظام من أسلحة فتاكة تأتيه دون انقطاع من موسكو وطهران. أضف إلى ذلك قيام النظام في دمشق بالإفراج عن العشرات من رموز القاعدة من سجونه ليخلقوا ما يسمى داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة التي في ظاهرها العداء للنظام وفي باطنها الوقوف في وجه المعارضة وإلصاق تهمة الإرهاب بها وبحلفائها في المنطقة. تابعنا كيف يستخدم النظام السوري أعمال تلك الجماعات لتبرير حربه على المدنيين في الوقت التي يشن فيه الجيش الحر حربا لتطهير الأراضي السورية من الجماعات الإرهابية ومن قوات النظام في آن واحد. وهنا تتضح الصورة الكاملة بشأن من يقاتل الإرهاب ومن يحاول استغلاله للاستمرار في تصفية المدنيين وتدمير المدن والقرى في سورية. في الأخير من المحزن أن نخسر أبناءنا في حرب غرر بهم للمشاركة فيها، ومن المؤلم ان يقتل مواطن آخر تحت مسمّى الجهاد!! ولمن لمح لتلك المعركة أن تكون (بروفة) تتوجه بعدها بنادق ابنائنا إلى صدور بعضهم أقول: بأن بلادنا التي اكتوت بنار الإرهاب أكثر من مرة لن تسمح بأن تلدغ من جحر مرتين ولن يقبل أبناؤها الشرفاء أن يكونوا سلاحا في يد أعدائها.