الصدفة جعلتني أشاهد برنامج الثامنة على قناة إم بي سي مع الإعلامي داوود الشريان وكان موضوع الحلقة الباحثات عن فرصة عمل وعن الصعوبات في سوق العمل مثل تدني الرواتب وسيلة النقل التدريب الخبرة وباقي الشروط التعجيزية التي تطلبها مؤسسات القطاع الخاص الحالية. ضيوف الحلقة مندوبون عن شركتين من القطاع الخاص فتاتان من بنات الوطن مندوب عن الموارد البشرية كنا نتوقع منه أن يكون في صف الباحثات عن فرصة عمل وبلسما يضمد الجراح ويوحي بالثقه بالإنصاف كونه المؤتمن على تنفيذ البرنامج لإيجاد فرص عمل لأبناء وبنات الوطن. الحاجة والضرورة القصوى جعلت البنات يخرجن للبحث عن فرصة عمل تؤمن لهن الحياة الكريمة قد يكون منهن من أبتُليت بفقد أو عجز أو قصور بدور لعائل الأسرة وقد يكون ممن أبتُليت بزوج من أشباه الرجال، وهم كثر الذين لايؤدون الحقوق الواجبة عليهم تجاه عائلاتهم هم يعرفون الحقوق والواجبات لكنهم لايقومون بها عنادا ولؤما وسفالة ولهذا تقوم الأم أو البنت بالبحث عن عمل يوفر لهن لقمة العيش الكريمة. الدولة -حفظها الله- أصدرت الأنظمة اللازمة وساهمت بسخاء في التمويل لكن اتضح من الحوار أن التنفيذ والمتابعة أصبحا في أيدي أناس لايخافون الله، الرحمة منزوعة منهم ولاحياء عندهم أصبحن كالأيتام في مأدبة اللئام يحاولون بكل صفاقة ويغالطون فهذا مندوب الموارد البشرية المؤتمن على تنفيذ هذا البرنامج النبيل خذلهن، هذه المؤسسات الرديئة المتلاعبة والمتاجرة بالخير الذي وفرته الدولة. شركة ارامكو أخذت القروي من قريته والبدوي من باديته دربتهم وأصبحت أكبر وأنجح شركة بترول في العالم بجهود هؤلاء وكذلك شركات أخرى كثيرة أدارها أبناء الوطن الشرفاء لم يستخدموا عمالة من الخارج ولم يتاجروا في التأشيرات ولم يستقدموا عمالة غير مدربة. هذا النوع من المؤسسات الرديئة المتاجرة بلقمة عيش المواطن الطمع وحب المال قتل فيها مكارم الأخلاق. أينهم من تعاليم ديننا الأسلامي الحنيف.. أينهم من السنة النبوية المطهره ألم يقل نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه رفقا بالقوارير؟ القوارير خرجت تبحث عن لقمة العيش في وطنها وتقول أين المروءة أين الاخلاق أين الحياء والخوف من الله. تذكرتك ياعم محمد وترحمت عليك وندمت كثيرا كنت نعم الأب والأخ والصديق لكل من عمل عندك وكل من عرفك أنعم الله عليك بالثروة فشكرت المنعم وتجلى ذلك في سيرتك مع الناس. قبل ستين سنة تقريبا عملت في الاجازات المدرسية السنوية الطويلة في تلك الايام لثلاث سنوات متتالية كنت أعمل مراسلا عندك في الشركة وأستلم مئتي ريال شهريا ولم يتأخر الراتب أبدا عن نهاية الشهر ولم يمر شهر لم أستلم أنا وغيري من العاملين في الشركة أكثر من مكافأة في وقت كان راتب الجندي مئة وخمسين ريالا في الشهر. أنت أعطيتني دراجة.. أيام كانت الرياض صغيرة ولايحتاج العامل إلى دراجة.. أنت أرسلت شبابا إلى خارج المملكة ليتعلموا صيانة الآلات الكاتبة على حساب الشركة وعندما عادوا أعطيتهم رواتب لاتقبل المنافسة، كانوا النواة لمركز التدريب أنت ساعدت الكثير بمالك وجاهك. أنا لو كتبت عشرات الصفحات عن أعمال الخير التي عرفتها عنك لن أوفيك حقك.. لقد ندمت كثيرا لعدم سماع نصيحتك.. لقد كنت ابناً عاقاً لايستحق ذلك الكرم. في نهاية الإجازة الأخيره أبلغني مدير مكتبك بأنك تطلبني حيث عرضت علي الاستمرار في العمل في شركتك لازلت أتذكر كلامك الذي قلته في التمهيد ياولدي أنت شاب مجتهد وموفق في العمل.. يا ولدي تسع أعشار الرزق في التجارة وكان ردي عليك من أدنى حدود اللياقة وحسن الأدب، قلت: لن أعمل عندك بعد اليوم في نهاية هذه السنة سأتخرج مدرساً وأستلم خمس مئة ريال في الشهر كنت شابا لا أعرف شيئا وكان ذلك قدرا مكتوبا. تخرجت وتعينت معلما وبعد بضع سنوات ذهبت للوزارة كان المسؤول عند أناس جالسين وأثناء كلامي معه سمعت كلاما أبويا حنونا افتقدته كنت أنت بين الجالسين كنت تقول استلمت الخمس مئة ياولدي. لم أتمالك نفسي ذهبت وقبلت رأسك وأنا في غاية الخجل والندم.. هل لازلت تذكرني كم أنت كريم؟.. أما أنا فكنت مجرد مراسل في شركتك. هذه النوعية من رجال الاعمال في ذلك الزمان عملة نادرة في أيامنا هذه.. بعدك ياعم محمد جاء إلى الأعمال أناس لا يخافون الله يساومون المواطن على لقمة عيشه بكل لؤم وخسة.. جزاك الله خيراً يا أخ داوود لأنك كشفت هذه العملة الرديئة وذكرتني بالعم محمد.