سنوات طويلة مضت والتساؤلات تتردد لدى المشاهدين والمعلنين والرعاة للبرامج التلفزيونية عن القناة التي لها نصيب أوفر من المشاهدة، وأي برنامج يحظى بالقبول دون سواه، وفي أي فترة من اليوم يتسمر المشاهدون أمام الشاشة لقضاء أجمل أوقاتهم. الإجابة عن كل هذه التساؤلات كانت في السابق مرهونة بنتائج استبيانات ودراسات غير منهجية قائمة على أُسس ومبادئ تفتقر إلى المصداقية والمرجعية. كان المصدرون لهذه الدراسات يدلون بدلوهم في كل موسم كما يشاءون، ووفقاً لمن يسيّل لعابهم بالملايين من الريالات، أو الدولارات بالأصح. الاتصال الهاتفي كان الوسيلة الأكثر استخداماً من قبلهم حيث يتم الاتصال بأفرادٍ لا يُعلم من هم، ولا ماذا يُمثلون من شرائح المجتمع، ولا ما هو رأيهم الحقيقي. في ظل هذه الأجواء المعتمة كانت تَصْدُر النتائج وتُمنح الرعايات بلا رقيب ولا حسيب والهدف هو تحقيق المصالح الفردية والهيمنة على السوق الإعلانية. اليوم آن للمياه أن تعود إلى مجاريها، وأن تطمئن وسائل الإعلام، وخاصة التلفزيون في المرحلة الحالية، أن التقييم لما يتلقاه المشاهد في المملكة سيكون وفق أحدث وأدق المعايير وأكثرها شفافية ومصداقية. يوم الثلاثاء الماضي تم الإعلان الرسمي عن تأسيس الشركة السعودية لقياس وسائل الإعلام، وتم منحها الترخيص من قِبَل هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وستكون نتائج الإحصائيات والمعلومات التي ستصدرها هذه الشركة مستقبلاً مستندة GFK على أحدث التقنيات الدولية المتبعة في هذا المجال، وفي سبيل ذلك ستقوم، وهي شركة المانية مشغلة لشركة القياس، بإجراء لقاءات مع ما يزيد على سبعة وعشرين ألف أسرة من عشرين مدينة ليتم اختيار ألفي أسرة منهم يشكلون العينات المطلوبة للقياس، كما ستقوم شركة أخرى بعمليات المتابعة والتأكد من سير الأداء GFK وصحة المعلومات وحياديتها. وتعتبر الشركة رابع أكبر شركة في العالم متخصصة في إجراء البحوث وعمليات القياس، ويعمل بها ثلاثة عشر ألف خبير متخصص موزعين على أكثر من مئة دولة. المعلومات التي ستقوم هذه الشركة بإتاحتها عن نسب المشاهدة في المملكة ستكون عاملاً مساعداً للارتقاء بمستوى البرامج في جميع القنوات المستفيدة من خدماتها، وسيتمكن العاملون في هذه القنوات من متابعة سير برامجهم وإعلاناتهم على مدار الساعة، كما سيكون بإمكانهم الحصول على معلومات مباشرة خلال بث أي برنامج لتحديد نسب المشاهدة الفورية له منذ بداية بثه ما يمكنهم من تعديل المحتوى بما يتفق مع تطلعات المشاهدين ورغباتهم. لن تكون نتائج قياس نسب المشاهدة حصراً على قنوات هيئة الإذاعة والتلفزيون وإنما ستكون شاملة لكل ما يتابعه المشاهد في المملكة من قنوات، ومن هنا فإن النتائج عند الإفصاح عنها ستشكل حافزاً آخر للمنافسة ولتقديم الأفضل للمشاهد، وجلب المعلن الذي طالما اعتمد في السابق على معلومات غير دقيقة من شركات تدار فيها عمليات قياس نسب المشاهدة بطرق غير علمية. ونحن في انتظار ذلك اليوم الذي ستبدأ معلومات القياس المثالية فيه بالصدور والانتشار عندها سنقول بملء أفواهنا (آن لنا أن نطمئن)..