الأسبوع الماضي انعقد مؤتمر منتدى التنافسية الدولي في الرياض بتاريخ 18 يناير 2014 والذي يدعو إلى شراكات تنافسية من خلال تحالفاتِ محلية وأجنبية لتحفيز الإبداعِ والابتكار، ودعم ريادة الأعمالِ، والأنظمة والإجراءات الحكومية اللازمة لتعزيز بيئة الأعمال الجاذبة للاستفادة من الاستثمارات المحلية والأجنبية سواء المباشرة أو غير المباشرة في التنمية الاقتصادية. لكن ما هي الفائدة من الاستثمار الأجنبي المباشر وما مدى تأثيره على تنافسية اقتصادنا محلياً وخارجياً وهل تحققت الأهداف؟ ان الاستثمار الاجنبي المباشر يتم من خلال استثمار شركة او منشأه في مشروعات تقع خارج حدود بلدها ويكون لها قدرة التأثير على إدارة تلك المشروعات سواء كان ذلك بإقامة مشروع جديد كامل أو تملك أصول منشأة قائمة أو الدخول في عمليات اندماج وتملك. أما البنك الدولي فيعتبر الاستثمار الاجنبي مباشرا عندما يمتلك المستثمر الاجنبي 10% أو اكثر من اسهم رأسمال أي مؤسسة اعمال تخوله تلك الملكية بمارسة التأثير على ادارة أعمال تلك المؤسسة. فمن اهداف هذا النوع من الاستثمارات استغلال الميز النسبية للبلد من موارد طبيعية من نفط وغاز او الاستفادة من ميزة العمالة المتوفرة في ظل استقرار البلد المضيف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فعلى سبيل المثال، يهم المستثمر الاجنبي من الناحية الاقتصادية متوسط دخل الفرد، معدل نمو اجمالي الناتج المحلي، توافر البنية التحتية، تدني معدل المخاطرة عند عائد جيد على الاستثمارات. فلا شك ان الاستثمار الاجنبي المباشر يساهم في رفع كفاءة الانتاج عن طريق تعزيز القدرات التنافسية، لذا تسعى الدول وخاصة النامية منها الى جذب الاستثمارات المباشرة من اجل تعزيز صادراتها وتحسين الانتاج في صناعات جديدة او زيادة القيم المضافة بنسب اكبر في مجالات محدده، او التحول الى استخدام التكنولوجيا المتقدمة والاعتماد على المعرفة في انشطة ذات انتاجية منخفضة وذات كثافة عمالية لرفع مستوى الانتاجية وتحسين الاداء الانتاجي من اجل زيادة الصادرات. كما ان الاستثمارات المباشره تزيد أهميتها من قيمتها عندما يتعدى استغلالها الميز النسبية للاقتصاد الثابتة الى خلق ميز نسبية جديدة تتعاظم مع استخدام التقنية وكفاءة الانتاج وتعظم اقتصاديات الحجم الكبير (Economics of scales ). فضلا عن تعزيز القدرات التنافسية التي تمهد الطريق نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المتوقعة. هكذا يكون الاستثمار الاجنبي المباشر عاملا اساسيا في تحقيق التكامل بين السوق المحلي والاسواق العالميه بترابط مصالحها الاقتصادية فيما بينها بناء على وفرة الموارد الاقتصادية والبشرية والخبرات والتقدم التكنولوجي. فإذا ما استطاعت السعودية تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة للاستثمار الاجنبي المباشر في تنمية الصناعات الوطنية بقصد التصدير على غرار ما حدث في الدول الآسيوية فان المضاعف الاقتصادي سوف يكون قويا على الاعمال المساندة والمرتبطة بتلك الصناعات مما يمكن الاقتصاد من توظيف موارده المالية والبشرية بالشكل المخطط له ضمن الخطط الخمسية. فقد أوضح تقرير (الأونكتاد) تراجع حجم الاستثمار الاجنبي في السعودية من 29.2 مليار ريال في 2010 الى 12.2 مليار ريال في 2012 أي بنسبة (58%). كما تراجع تصنيف السعودية لسهولة ممارسة الاعمال من المرتبة (11) الى 26 وكذلك تراجع تصنيفها في تقرير التنافسية العالمية من (17) الى المرتبة (20) حلال نفس الفترة. وهذا يشير الى صعوبة ممارسة او بدء الاعمال التجارية والحصول على الائتمان وحتى العمالة، مما ادى الى تراجع تحسن أداء الانتاج والاعتماد على التقنية المتقدمة وعلى المعرفة والابتكار التي ترفع من القدرات التنافسية على المستوى المحلي والخارجي. لذا انعكس ذلك سلبيا على نمو صادرات المملكة غير النفطية التي تراجعت بشكل حاد من 31% في 2011 الى 8% في 2012 ومن المتوقع ان تتراجع اكثر في 2013، حسب احصاءات المصلحة العامة. "الاستثمار الاجنبي المباشر بدون مضاعف اقتصادي حقيقي ينعكس في نمو الصادرات لا فائدة منه"