2013م عام الثقافة الإسلامية في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتم اختيارها عاصمة لهذه الثقافة في إطار سلسلة متواصلة من المدن والعواصم الإسلامية، وكانت قد سبقتها في هذا الاختيار مكةالمكرمة قبل عدة سنوات. وخلال فترة الاختيار هذه أُقيمت العديد من الفعاليات المحلية والدولية التي تنوعت في مضامينها ومخرجاتها لتشمل النواحي الثقافية والأدبية. في هذا العام ستكون الشارقة العاصمة الجديدة للثقافة الإسلامية وستليها عواصم أخرى في الأعوام القادمة، ولكن التميز والتفرد سيبقى في المكان والارتباط والمرجعية الثقافية. لا شك أن المدينةالمنورة، وقبلها مكةالمكرمة قد تميزتا بمعطيات وإرث ثقافي وحضاري إسلامي لن يتوفر لغيرهما من العواصم. وأنا اُقلب ناظري في وجوه العديد من وزراء الثقافة والإعلام في الدول الإسلامية الذين حضروا الحفل الختامي للمناسبة، قرأت علامات استفهام كبيرة عن كيف يمكن لعواصمهم أن تنافس مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الثقافة الاسلامية، وكيف يمكن لهم أن يقرنوا بين المناسبة وقدسية المكان. إنها معادلة مستحيلة ولهذا ستبقى المدينةالمنورة، مثلما كانت مكةالمكرمة، عواصم حقيقية للثقافة الاسلامية. ستبقى هذه المناسبة نقطة تحول في تاريخ المدينةالمنورة الثقافي فقد تولدت من خلالها العديد من الأفكار والتصورات وأسهم الباحثون والعلماء من خلال مشاركاتهم في ربط القديم بالحديث، وكيف أن هذه المدينة الطيبة المباركة شعّ منها نور الإسلام وتعاقبت عليها الثقافات على مر العصور. فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينةالمنورة أثار دهشة الحضور من وزراء الثقافة والإعلام في الدول الإسلامية وممثليهم عندما أعلن عن ثلاث عشرة مبادرة لمشروعات ثقافية وعلمية دائمة شكلت في مجموعها أبرز النتائج التي أسفرت عنها فعاليات الاحتفال بالمدينةالمنورة عاصمة للثقافة الاسلامية عام 2014م. وتمثلت أولى المبادرات في إنشاء « واحة القرآن» تهدف إلى أن تكون المدينةالمنورة مركزاً إسلامياً حضارياً ثقافياً ودعوياً وواجهة تعكس تاريخ الدين والحضارة الإسلامية واستعادة الهوية التراثية والثقافية والتاريخية للمدينة المنورة. أما المبادرة الثانية، فتمثلت في تأسيس مركز ديني وثقافي واجتماعي في منطقة قباء يكون بيئة طبيعية مفتوحة طوال الوقت يستفيد منها جمهور الزوار وسكان المنطقة المحيطة. فيما هدفت المبادرة الثالثة إلى عمل مركز لكل الزوار من الحجاج والمعتمرين والأفواج السياحية والوفود للتعريف بالمدينةالمنورة كأول مدينة إسلامية في التاريخ، والتعريف بنشأتها وتطورها ونموها على مر التاريخ، ومعالمها الجغرافية، والطبيعية، وأنشطة سكانها في التجارة والزراعة. أسدل الستار الأسبوع الماضي على هذه المناسبة بعد جهود مباركة من إمارة وأمانة المدينةالمنورة، ووزارة الثقافة والإعلام، والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والتربية والعلوم، ودارة الملك عبدالعزيز ولكن الإشعاع الثقافي للمدينة المنورة سيظل باقياً إلى الأبد وسيزداد بريقه حين نرى مبادرات سمو الأمير فيصل تأخذ طريقها إلى التنفيذ والظهور في أقرب فرصة إن شاء الله.