هكذا هو مجتمعنا السعودي ينام طويلاً متجاهلا مسؤولياته، ويصحو بكابوس قضية رأي عام؛ ثم لا يلبث انتباهه ليعود لسبات نومه رامياً مسؤولياته الشخصية على غيره؛ ومن ذلك ما كشفه الله لنا من جُرم تعدي شاذ لمضطرب عشريني على طفلة عائدة من مدرستها بمدخل منزلها. ونتفق مع من قال بأن هذا الاعتداء الآثم على أسمى معاني البراءة ليس الأول من دناءته ولن يكون الأخير ولكن من سيكشف لنا بقية التحرشات الخفية الأخرى؛ هل سننتظر ما تبثه شبكات الإعلام الاجتماعي من فزعات مواطن أو مواطنة رصدا لنا كوارث أخلاقية ارتكبها مراهق أو شاب أو سائق أو عاملة منزلية أو بائع أو موظف في جهة خدمية ما؟! يا سادة يا كرام تنبهوا فإن المسؤولية الأولى للتحصين الديني والنفسي لرعيتكم منبعها الأول الأم والأب فهل غرسا في عقلية أبنائهم محاذير التعديات الجنسية؟ ثم هل تنبها من مغبة تساهلهما في إعطاء الثقة المفرطة لكائن من يكون؟ وهل حرصا على تنمية الضمير الذاتي لأبنائهما حتى يستشعروا عبارة (وأين الله) قبل أي سلوك يقدمون عليه؟ هنا فقط تتأتى مسؤوليات مؤسسات الشراكة التربوية كالمسجد والمدرسة والإعلام للعناية بتنمية السلوكيات القويمة لمجتمعنا المسلم وفي حال حصل الاعتداء الجنسي على الأبناء -لا قدر الله- فبكل يقين سيُفصح الضحية عن تفاصيل ما تعرض له لوالديه عندما يشعر بأنهما مصدر الأمان الدائم له، فعلى الأهالي حينها أن يتصرفوا بحكمة تراعي ردة الفعل النفسية للضحية وتعالجها بالاستعانة بالاختصاصيين النفسيين، ثم التواصل فوراً مع الإدارة العامة للحماية الاجتماعية على الرقم (1919) إن كان التعدي داخل نطاق الأسرة وإن كان خارجها فتبلغ الشرطة تمهيداً للرفع لدائرة التحقيق في قضايا الاعتداء على العرض والأخلاق بهيئة التحقيق والادعاء العام للتعامل نظاماً مع المجرم المتحرش وتقديمه للمحكمة المختصة. والأبناء بحاجة ماسة لعاطفة الوالدين واحتوائهم ورعايتهم الرعاية الإسلامية الصحيحة، ولكون التربية في عصرنا الحاضر ليست بالمهمة اليسيرة، ما يستوجب على الجميع التركيز على نوعية التربية الحسنة لا الحرص على كم التناسل المنفلت غير المبالي بتأدية أمانة الرعاية الأسرية التي حملنا إياها ديننا العظيم فتُعساً لأسرة غثائية تلد أطفالا فاقدي تربية سليمة فيصبحون كغثاء السيل لا يستفيد منهم وطن ولا يسلم منهم مواطن. #ماذا_لو: رسخ الوالدان ضمن تربية ابنائهما مبدأ: (لن أكون متحرشا جنسيا.. ولن أكون ضحية تحرش جنسي)، لأنهما بذلك سيسهمان في تكوين شخصيات سوية محصنة ضد الانحرافات الفكرية والسلوكية لينعم المجتمع بأفراد مستقرين نفسيا وأمنيا.