سقوط الطفلة لمى في بئر مهجورة، وظاهرة الأبيار المهجورة بعامة، جريرة من جرائر الوعي البليد، وأذكر أنه قبل أكثر من خمسين عاماً حين كنت أعمل في وزارة الزراعة، قمت بزيارة إلى مدينة من مدن الشمال، وكان معي خبير أميركي، وبينما نحن سائرون في سوق المدينة مع أحد الأهالي في وسط الشارع، طلب منّا هذا أن ننحرف يميناً، فسألته عن السبب فقال إنه توجد بئر مهجورة، فسألني الأميركي أن أترجم ما قاله ففعلت، فطلب الأميركي أن نرى هذه البئر، وحين رآها بدون سياج، وبدون أيّ أداة للتنبيه، صرخ قائلاً: ياإلهي وطلب مني أن نتوقف عن عمل أيّ شيء ونهتم بموضوع البئر، فذهبنا إلى الأمير وشرحنا له وجوب وضع سياج حولها، فقال لنا لا داعي لذلك فالكل في المدينة يعرف موضعها، قلت: والأجانب قال: سيكون بصحبتهم واحد من الأهالي كما فعلنا معكم، وخرجنا من عنده بخفي حنين، وحينئذ قال الأميركي: إنّ هذا إهمال إجرامي فوافقته على ذلك، وبعد كلّ هذه السنين ما زالت هناك آبار مهجورة، ووفقاً لصحيفة الاقتصادية العدد الصادر في 6 يناير الجاري صرح سعيد الدعير مدير تنمية موارد المياه في وزارة الكهرباء والمياه: بأنّ مكاتب الوزارة ومراقبي التعديات رصدوا 130 ألف بئر مهجورة وغير مرخصة في جميع المناطق والمحافظات، مشيراً إلى أنّ تلك الآبار تتنوع بين ارتوازية ويدوية، كاشفاً أنه يتم العمل على إكمال إجراءات البحث عن أصحابها لإلزامهم بردمها على حسابهم الخاص، وليتهم يفعلون وهي مهمة شاقة، ولهذا يجب كما قال في حالة عدم العثور على أصحابها ردمها على حساب الوزارة، وبجانب الآبار المهجورة هناك بيارات الصرف الصحي التي أهمل أصحابها وضع غطاء عليها، ونقرأ بين حين وآخر عن سقوط طفل فيها، وفي حالة لمى والقضايا المشابهة لها يجب أن يلزم صاحب البئر أو البيارة بدفع دية لأهل الضحية، فهذا قتل غير متعمد.