أعلن عدد من المنشآت التمويلية في القطاع العقاري والبنوك خلال الأيام الفائتة، حصولها على التراخيص الجديدة للتمويل العقاري، التي تقر العمل بالتمويل العقاري وفق الأنظمة الجديدة التي صدرت أخيراً.. صحيح أن منظومة التمويل العقاري الجديدة خطوة مهمة في تنظيم مجمل سوق التمويل العقاري، وتقنين الإشراف عليه من قبل مؤسسة النقد.. إلا أنه هذه المنظومة في المقابل، وتحديداً نظام التمويل العقاري.. كانت محبطة لغالبية المواطنين الراغبين في تملك المسكن.. حيث إنه نص على أن يقتصر تمويل المسكن على 70% فقط من قيمته، بمعنى أن الدفعة الأولى التي يجب على المتمول دفعها هي 30%.. وحيث إن قيمة المساكن (الفلل) في (المتوسط) مليون ريال – مع الأخذ بالاعتبار اختلاف الأسعار باختلاف المدن – فذلك يعني أن على المواطن دفع 300 ألف ريال دفعة أولى في حال رغبة الحصول على أي منتجات التمويل التي ستطرح وفق النظام الجديد..! بالتأكيد أن ذلك أمر محبط .. في المقابل ترى المؤسسة أن اعتماد هذه النسبة (المتغيرة) وفقاً لمتغيرات السوق، أنها تمثل نقطة البدء، وأن شئت الانطلاق في سوق تعتبره جديداً (سوق التمويل العقاري) وبالتالي فإنها لن تغامر – من وجهة نظرها – لتكون هذه النسبة فيما بعد المعيار الذي يمكن القياس عليه فيما بعد.. . دعوة لتبني مبادرات وطنية للإسكان.. تدخل صندوق الاستثمارات.. وبدل السكن حسناً وماذا بعد.. بعد أن تم إقرار المنظومة والعمل بها، وصدور التراخيص إلى ستة منشآت حتى الآن.. المواطن لا يزال محبطاً، لأنها لم تحقق مايبحث عنه، في وقت لا تزال وزارة الإسكان غير قادرة على ايجاد صيغة (عملية) تعين على التوسع في تشييد المساكن، وتمكينهم منها.. في ظل إنتقالها من بناء المساكن إلى تطوير الاراضي ورمي الكرة - فيما بعد - في ساحة المواطن بأن يتولى بنفس البناء.. . أمام هذا العجز للوزارة المبنى في الأساس على عدم فهم مكونات سوق الإسكان.. الخطوة العملية هنا برامج الدعم الحكومي للقطاع الخاص – دون انتظار لخطوات الإسكان – من خلال الذراع الحكومي التمويلي الأهم، وهو صندوق الاستثمارات العامة، بأن يتم تبنى مبادرات يمكن أعتبرها (وطنية) لتوطين مشاريع سكنية وفق تطوير شامل يأخذ بمبدأ الشمولية في التطوير وتأمين الخدمات والمرافق - على غرار مشاريع اسكان وزارة الدفاع والحرس الوطني - ويمكن تأطير علاقة مع شركات التطوير الإسكاني محلية وأجنبية على أن تنتهي بتأمين منتجات سكنية بأسعار تتناسب مع القدرة الشرائية لغالبية المستهلكين من المواطنين.. ولكن يجب أن تأخذ برامج الدعم الفردي (الصندوق العقاري) فعالية أكثر مع المنشآت التمويلية لتسريع التملك، وتجاوز متغيرات السوق الحالية والمقبلة. وعوداً إلى نظام التمويل الجديد.. أقول إن البنوك تدرك جيداً عقبة شرط (30%) كدفعة أولى، وسوف تعمل على تجاوزه بقرض آخر.. عن طريق القرض الشخصي- تمثل الدفعة الأولى - لكن المشكلة تكون في حال التحايل في تثمين الوحدة السكنية، بحيث يتم تقييمها بأكثر من القيمة الحقيقية، لتجاوز قيمة الدفعة الأولى عند التمويل.. إن برامج التمويل العقاري على تنوعها.. ومنتجات الإسكان على اختلافها؛ غدت قنوات استثمار مربحة للمستثمرين وان شئت المضاربين.. وأصبحت في الوقت مساحة حلم لا حدود له للراغبين في تملك المساكن.. بين هذا وذلك لا يمكن أن يستقيم الأمر دون مبادرات تتبنها الصناديق السيادية الثلاثة (سريعاً) وأقصد صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التقاعد، وصندوق التأمينات.. والأخيران اتجها للأسف إلى القطاع التجاري كونه أسهل في الاستثمار والإدارة.. رغم أنهما إدركا مؤخراً أهمية القطاع الإسكاني بإعلان بعض المشاريع السكنية.. ويمكن تجاوز وقت الاستثمار الذي يحتاجه تشييد المشاريع ومن ثم بيعها إلى الافراد بتفعيل مشروع البيع على الخارطة.. . ويعد التمويل في الاسكان في المملكة الأهم والأساس في قطاع العقارات ككل، حيث انه وعاء ادخاري وليس استهلاكيًا، ويتطلب أهمية وجود تعاون بين الشركات المطورة والجهات المختصة من باب الشراكات والتنسيق فيما بينها لطرح برامج تمويلية من شأنها تخفيض مدة التمويل والدفعات وإعداد برامج تناسب دخل المواطن. أخيراً.. فإن المنظومة الجديدة التي بدأ العمل بها، سوف تنظم التطوير الإسكاني، وتشجع التوسع فيه.. نظراً لتفعيل أنظمة التنفيذ، والرهن، وهما الأهم لضخ مزيد من المساكن، ولكن تبقى القوة الشرائية للمستهلكين العائق الذي لا يمكن تجاوزه دون برامج دعم حقيقية وعملية، لعل أهمها تأمين بدل سكن للموظفين، بحيث يكون محددًا بفترة زمنية من عمر خدمة الموظف، تكون بمثابة المحفز لقرار الشراء.. كي لا يركن إلى اليأس.