يركز الناس في بلادنا على تناول منتجات القمح المكررة مما أدى ويؤدي إلى استفحال مشكلة رئيسية قلما ينتبه لها الناس، وهي تأثير تناول منتجات القمح المكررة على التعادل الحامضي/ القلوي للجسم، والتعادل يقاس بميزان يسمى مقياس الإس الهيدروجيني مقسم من صفر إلى 14، فالأرقام من 6 إلى 7.5 تدل على صحة الجسم وتعادله، وما هو أقل من 6 يدل على الحامضية، وما هو أعلى من 7.5 يدل على القلوية. وقد تبدو هذه المعلومات مربكة ويبدو انها للمختصين بالتغذية فقط، ولكنها في الواقع ثقافة مهمة للشخص العادي لما للتعادل الحامضي القلوي من تأثير مهول على صحة الجسم. ومن المهم معرفة أن التعادل المقصود أعلاه ليس هو المتعلق بحموضة المعدة إنما المقصود هو المتعلق بأنسجة الجسم وسوائله من دم وبول ولعاب وغيرها من سوائل داخل خلايا الجسم وخارجها. ويمكن قياس مدى تعادل سوائل الجسم في المنزل بسهولة ويسر بواسطة شرائط الأس الهيدروجيني المرقمة التي يتغير لونها حسب الحامضية / القلوية حيث يعرّض الشريط لتدفق البول مرتين في اليوم صباحاً ومساءً، ومتوسط الرقمين هو الدال على حالة الجسم. كما يمكن قياس التعادل بطريقة أخرى وهي ترطيب الشريط باللعاب من الفم قبل الأكل بساعة او بعد الأكل بساعتين. وتكرار القياس مرتين في الأسبوع لكل من البول واللعاب يعطي فكرة أشمل عن حالة الجسم الحامضية / القلوية. وكتاب Alkalize Or Die، من تأليف الأستاذ الحاصل على درجة الدكتوراه في التغذية ثيودور بارودي، يؤكد أن "تعدد أسماء الأمراض ليس مهماً، والمهم أنها كلها تأتي من مصدر واحد، وهو زيادة مخلفات الأنسجة الحامضية في الجسم!" وأغلب الناس اليوم يعانون من زيادة الحامضية، وأحد أهم أسبابها هو زيادة تناول منتجات القمح المكررة. وارتفاع معدل حامضية سوائل الجسم حالة تجبر الجسم على سحب المعادن (تشمل الكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم) من أعضاء حيوية في الجسم تشمل الهيكل العظمي لمعادلة تلك الحامضية. وبسبب ذلك الضغط، أي ارتفاع الحامضية ثم استنزاف مخزون الجسم من المعادن المهمة لمعادلة الحامضية، يمكن أن يصاب الجسم بأنواع من التلف الحاد والمزمن تبدأ ثم تستمر بدون أعراض واضحة لسنوات عديدة حتى يستفحل الأمر، ثم تظهر على شكل أمراض مزمنة منها أمراض القلب والشرايين، وزيادة الوزن والإصابة بالسكري، وحصوات الكلى وتلفها، ونقص المناعة، وزيادة الجذور الحرّة مما يعدّ أحد مسببات نشوء الأورام الخبيثة، وتذبذب الهرمونات، وظهور العلامات المبكرة للتقدم في السن، وهشاشة العظام وآلام العضلات والعظام، وانخفاض مستوى الطاقة والشعور المزمن بالإرهاق، وبطء عمليات الهضم والإخراج. ومن المهم القول ان الإفراط في تناول أطعمة أخرى غير منتجات القمح المكرر(الذي هو المسبب الأكبر) يساهم أيضا في حامضية سوائل الجسم، فاللحوم (الحمراء بشكل خاص) وسكر الحمية والسكريات المكررة والحلويات والأجبان وألبان الأبقار والمنبهات كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية والمحلاة كلها تؤدي إلى زيادة الحامضية. وفي مقال قادم إن شاء الله سنقدم أحدث المستجدات في التغذية لتحقيق التعادل في الجسم.