تستمر ظاهرة غياب الطلاب والطالبات قبل وبعد الإجازة الرسمية وكذلك قبل الاختبارات الفصلية من دون حلول، حيث لا تزال المشكلة تتنامى حتى وصلت إلى أسابيع في الفترة الأخيرة بدلاً من الأيام في الفصل الدراسي الواحد، مما أثر وبشكل كبير على التحصيل الدراسي للطلاب، وبدأ التساؤل لدى الكثيرين هل الأسباب تعود للمدرسة أم للأسرة أم للوائح والأنظمة؟، إلاّ أن الإجابة ربما تتضح بمقدم وزير التربية والتعليم الجديد الأمير خالد الفيصل، حيث سيكون هذا الملف بانتظاره. ولكي نُساهم في القضاء على ظاهرة غياب الطلاب عن المدارس في الأسابيع الأخيرة قبل الاختبارات أو الإجازات، نحتاج إلى سن أنظمة صارمة ورادعة، عبر مراقبة المعلمين والمدارس والمشرفين وتفعيل المحاسبية، وكذلك نشر الوعي الثقافي في الأوساط الاجتماعية، إلى جانب نشر الأمل والروح المعنوية بين أوساط الطلاب والشباب، إضافةً إلى نشر فرص العمل المتوازية ليقبل الجميع على المدرسة وقد تحددت أمامهم الأهداف بوضوح، ويبقى من المُهم تثقيف الأسرة أبناءها بأهمية تلك الأيام وتعويدهم على الانضباط والنظام، إضافةً إلى أهمية إعطاء المدرسة انطباعاً جدياً للطلاب عبر شرح الدروس وعدم توقفها. ثقافة مجتمعية في البداية قال "خالد الثبيتي" -مدير إدارة الجودة الشاملة في تعليم الطائف-: إن ظاهرة غياب الطلاب ثقافة مجتمعية كُرِّس مفهومها بين الطلاب، وتناقلها أولياء الأمور، واستسلمت لها المدرسة، مضيفاً أنه أصبح الطلاب يتداولون مفاهيم الأسبوع الميت، بل غدت كلمات وممارسات نلحظها قبل كل إجازة وليس قبل الاختبارات فحسب، مبيناً أن ذلك مؤشر على ضعف الجودة وضعف الرقابة، فلو تبنت المدرسة إجراءات تصحيحية وتبعتها متابعة ومحاسبة من الجهات الإشرافية أو مكاتب التربية والتعليم، من خلال تطبيق تعهدات على أولياء الأمور والطلاب، وكذلك نشر ثقافة احترام الوقت، ووضع اختبارات قصيرة في كل فترة تسبق الاختبارات لما شاهدنا حالات الغياب، مؤكداً على أنه لم تُفعّل لائحة السلوك والمواظبة وربطها بالنسبة العامة لمجموع المواد، كذلك لا يوجد تخطيط على مستوى المادة الدراسية، في ظل قصور برامج الإرشاد، وتراخي المعلم والإدارة المدرسية، إلى جانب ضعف الإشراف في المتابعة ونشر ثقافة الانضباط، مشيراً إلى أن ولي أمر الطالب أصبح في ظل هذا التراخي يوظف تلك الأيام لتكون امتداداً لإجازات الأسرة. وأضاف: القضية شائكة والحل ثقافة الالتزام والمحاسبة، مُشدداً على أهمية طرح هذا الموضوع مع وزير التربية الجديد الأمير خالد الفيصل، ذاكراً أن ظاهرة الغياب هي حلقة من المسؤولية، ومتى ما كان هناك التزام من المدرسة ومتابعة ومحاسبة وتخطيط جيد حتماً سيتم التغلب عليها. خطوات العلاج وأوضح "د.سعد بن مبارك الرمثي" -مدير التخطيط والتطوير بإدارة التربية والتعليم في محافظة بيشة- أن تساهل المدرسة في تطبيق اللوائح الخاصة بالغياب، وسلوكيات بعض المعلمين بالمدارس في إنهاء المقررات سريعاً والتوقف عن الشرح في حال غياب نسبة كبيرة، وكذلك ضعف النتائج المترتبة على الخصم من درجات المواظبة، وضعف اهتمام الطلاب بنتائج الغياب وما يترتب عليها، إضافةً إلى تساهل الأسرة في غياب أبنائهم وخروجهم من المدرسة، وضعف أدوات التواصل بين المدرسة والأسرة هي من أسباب استفحال المشكلة وتعاظمها، مضيفاً أنه من المهم تثقيف ورفع درجة وعي منسوبي المدرسة، خاصةً الطلاب وأولياء الأمور بأهمية الوقت وما يترتب عليه من خلال البرامج والأنشطة، وكذلك تنفيذ الاختبارات العملية في الأسبوع الأخير لكل المواد لقياس المهارات والقدرات، إضافةً إلى الحرص على حضور ولي الأمر في اليوم التالي مع الطالب في حالة الغياب بدون عذر، ليشعر بأهميته ودوره، إلى جانب تفعيل التقنية للتواصل السريع مع ولي الأمر في حالة التأخر والغياب، وكذلك إعادة النظر في اللائحة الخاصة بالغياب لتشمل الخصم في درجات المواد التي غاب في يومها إضافةً إلى درجات المواظبة. هدر تربوي وأشار "منيف بن خضير الضوي" -مديرالشؤون التعليمية بمكتب التربية والتعليم برفحاء- إلى أن ظاهرة الغياب تبدو لي ظاهرة مجتمعية أكثر من كونها نتائج أنظمة معينة ولوائح وقوانين، وهي ناتجة من تهاون وضعف في الثقافة الأسرية، مضيفاً أن المجتمع لا يعير اهتماماً للوقت، وثقافة العمل تبدو منخفضة، مؤكداً على أن الحل أولاً وأخيراً هو سن أنظمة حقيقية تعاقب المدرسة المفرطة في غياب أبنائها، وتعاقب الطالب المتهاون، وتعاقب الأسرة أيضاً، مبيناً أنه في بريطانيا -مثلاً- تقيم المدرسة الدنيا ولا تقعدها لغياب أيام قليلة دون عذر مقنع، وتوجه إنذارات للأسرة، وكذلك ترسل الأخصائي النفسي لتقييم وضع الطالب، خوفاً عليه من أسرة لا تقدر انتظامه في المدرسة، كل هذا لبضعة أيام غياب، موضحاً أن المتتبع للظاهرة في المملكة، يجد أنها دخلت في مرحلة الهدر التربوي، حيث تنخفض أعوام التدريس المقررة لكثرة الغياب الذي يصل في بعض الأحيان إلى أربعة أسابيع في الفصل الواحد، متسائلاً: ماذا بقي للطالب ليدرسه؟. أنظمة صارمة وأكد "الضوي" على أن المدرسة والمعلم شريكان في صناعة هذه الظاهرة ومراقبتها بهدوء، فعدم التقيد بالخطة الزمنية المقررة للمواد، وكثرة الملخصات والمذكرات، وكذلك غياب الدور الرقابي لإدارات التعليم ساهم في تأجيج هذه الظاهرة الخطيرة، في ظل غياب ثقافي للأسرة التي لا يلام أكثرها نتيجة تدني المستوى التعليمي العام لبعضها، مشيراً إلى أن الحلول تأتي أولاً بسن أنظمة صارمة ورادعة، ثم مراقبة المعلمين والمدارس والمشرفين وتفعيل المحاسبية، وكذلك نشر الوعي الثقافي في الأوساط الاجتماعية، ونشر الأمل والروح المعنوية بين أوساط الطلاب والشباب بالقضاء على البطالة، إضافةً إلى نشر فرص العمل العادلة والمتكافئة ليقبل الجميع على المدرسة وقد تحددت أمامهم الأهداف بوضوح وشفافية، ولم يبق لهم إلاّ السعي الجاد لتحقيقها. دور المدرسة وقال "علي العطشان -مدير علاقات المعلمين بتعليم القريات بمنطقة الجوف-: إن المشكلة بدأت تظهر للعيان خلال الأعوام الأخيرة بشكل ملفت للنظر، حتى نستطيع القول إنها أصبحت ظاهرة، وهي حقيقة مؤلمة، مضيفاً أن غالبية الأسر يمارسون الدور نفسه على أبنائهم، في خلل واضح يفترض أن يكون هم أول المتصدين له، مبيناً أن تطبيق اللوائح على الطلبة وتفهم الأسرة وأداء المدرسة دورها الفعال في التثقيف والترغيب له الدور الأكبر في القضاء على الظاهرة. إعطاء الحصص أهميتها نهاية الفصل الدراسي يُعزز من حضور الطلاب وشخّص الأستاذ عبدالله الوليعي -مدير إدارة الجودة الشاملة في تعليم القصيم- المشكلة بعدة نقاط منها؛ كثرة الإجازات الرسمية داخل العام الدراسي، وضعف جدية الوزارة في علاج السلبية، وكذلك عدم نجاحها بشكل عام والمدرسة بشكل خاص في تحبيب الطالب للمدرسة، إلى جانب ضعف دور ولي الأمر. توزيع منهج وأوضح "علي حمادي" -مدير التوجيه والإرشاد بتعليم صبيا- أن التعامل مع هذه الظاهرة يجب أن يكون مع بدء العام الدراسي وليس في آخره، حيث يقع على المدرسة مسؤولية كبيرة من خلال التأكد من توزيع المعلمين للمنهج على جميع أسابيع الفصل الدراسي، وأن المعلم يسير وفق الخطة الدراسية، كذلك على المدرسة إظهار جديتها في تطبيق قواعد السلوك والمواظبة بعد إشعار الطلاب وأولياء أمورهم بذلك، وعلى المعلمين استغلال الفترة التي تسبق الاختبارات بالمراجعة وعدم الإيحاء للطلاب بعدم جدوى الحضور، كما يبرز دور المرشد في توعية الطلاب بأهمية هذه الفترة واستثمارها في مراجعة الدروس، إلى جانب دور الأسرة في متابعة انتظام الطالب، وكذلك التواصل مع المدرسة. نحتاج إلى نظام صارم يوعي «الطالب» ويحاسب «المعلم» و«المدير» المتهاونين.. ويفعّل دور المشرفين وأكدت "عالية الحارث" -إدارة الجودة في تعليم نجران- على أن غياب الطلاب والطالبات ظاهرة طبيعية في ظل عدم الاهتمام من قبل المدرسة بتنمية مهارات الطلاب والطالبات ومضاعفة الجهود في مثل هذه الأيام المهمة، مُشددةً على أهمية تثقيف الأسرة أبناءها بأهمية هذه الأيام وتعويدهم على الانضباط والنظام، كذلك لابد أن يكون للمدرسة دور في إعطاء الطلاب انطباع جدي عن ذلك بإعطاء الدروس والشرح والتحليل أهمية كبيرة. جدية وفائدة وأشار "محمد بن سعود الحمد" -مدير ادارة الجودة الشاملة في تعليم الزلفي- إلى أن سلوك أبنائنا وبناتنا هو نتاج لما غرس بداخلهم من قيم ومعتقدات وتوجيهات منذ الصغر، من قبل الأسرة والمدرسة وكذالك المجتمع، مضيفاً أن من هذه القيم الانضباط الاجتماعي داخل وخارج أسوار المدرسة، مبيناً أن أحد ظواهر عدم الانضباط الاجتماعي ظاهرة غياب الطلاب والطالبات قبل وبعد الإجازات الرسمية، ذاكراً أنه من الممكن علاج هذه الظاهرة كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم في توجيهه التربوي الفريد: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر"، أي أننا في المرحلة الابتدائية يجب علينا أن نوجد بيئة مدرسية جاذبة تمنع هذا الطالب من الغياب حباًّ في المدرسة وما يقدم فيها، لافتاً إلى أنه في المرحلتين المتوسطة والثانوية فإنه يجب علينا استخدام أسلوب الترغيب والترهيب، بعيداً عن الضرب الذي قد يولد ظواهر سلبية أخرى. وقالت "ندى العامر" -إدارة الجودة الشاملة في تعليم الغاط-: إنه كان الأولى توظيف الأسابيع الأخيرة بما يخدم الطالب حتى يكون هناك أثراً إيجابياً عليه، مؤكدةً على أن الأسرة لن يزيد وعيها بأهمية هذه الفترة إلاّ إذا لمست الفائدة الفعلية من انتظام الطلاب في مدارسهم، وأن هناك جدية من قبل المدرسة وجاذبية من قبل الطلاب والطالبات للحضور. د.سعد الرمثي خالد الثبيتي منيف الضوي علي العطشان عبدالله الوليعي علي حمادي محمد الحمد