يعدّ قنص الطيور من الهوايات التي يعشقها الكثير، يقضون وقت فراغهم في مزاولتها، والتلذذ بتذوق طعم الفرائس بعد عناء مطاردتها، وتختلف طرق قنص الطيور، فالبعض يفضل صيدها بالبنادق الهوائية الأقل تكلفة والأكثر سهولة، فيما يفضل آخرون القنص بالصقور، وعلى الرغم من مشقة المهمة ومواجهة الصعوبات والتحديات، وارتفاع التكلفة، وكثرة الأدوات المستخدمة، إلاّ أنّ جميعها تتلاشى عند مولعين بصيد الطيور، من أجل ممارسة شغفهم الذي يعدّ من الهوايات القديمة التي مارسها العرب. واستمرت هواية الصيد مع تطور الشعوب، ودخول الحضارات، وما زالت تمارس حتى الآن، حيث وظفوا ما استجد من تطور في تلك الهواية، مثل إدخال التقنيات الحديثة المختلفة أثناء القنص من أجهزة التتبع، والملاحة، والهواتف اللاسلكية، كما فُتحت العديد من القنوات المختصة بالصقور والقنص، وأُعدت الكثير من البرامج حول هذه الهواية، وازدهرت تجارة الصقور، وأصبح لها العديد من الأسواق والمزادات الخاصة بها؛ نظراً لشغف الكثير بحبها، حتى وصل الطير "الطيب الوافي" منها إلى أسعار خيالية باهظة الثمن. هجرة الطيور وأوضح "عبد العزيز كريم الجراح" أنّ هجرة الطيور تكون مع بداية دخول شهر أغسطس، الذي تكثر فيه الطيور الصغيرة ك"الدخّل" والذي يكثر صيده في المزارع وفي بعض الشعاب ذات الأشجار الكثيفة، كما يوجد طيور "الصفاري" و"الخضاري" و"الفري" -السمّان-، والتي تبدأ رحلتها في (24) أغسطس من كل سنة، مع طلوع نجم الخير "سهيل"، وتستمر هذه الطيور في التكاثر والوفرة إلى نهاية شهر سبتمبر، ثم تبدأ هجرة أسراب "القميري" في (19) سبتمبر، وهي ألذ الطيور المهاجرة طعماً، وأكثرها صيداً من قبل القناصة، وفي منتصف شهر أكتوبر تبدأ هجرة "الحباري" و"الكراوين"، مبيّناً أنّ هذين النوعين من أكثر الطيور اهتماماً من قبل أهل الصقور. "القرسنة" وبيّن "الجراح" أنّ أدوات الصقارة متعددةً منها "دس الصقر"، و"ريشة التتبع" لتتبع مكان الصقر، و"دربيل" و"الملواح" و"البرقع" و"مرش ماء"؛ لتنظيف الصقر بعد الصيد، وجهاز للتواصل مع الصقارين، وسكين صغيرة وعدد من الحمام، مشيراً إلى أنّ الصقور تمر بعملية "القرسنة"؛ وهي سقوط جميع ريش الصقر، ومن ثم خروجه من جديد، وتبدأ مع نهاية شهر إبريل إلى منتصف شهر سبتمبر، ومدتها من خمسة إلى ستة أشهر، وهي عملية فطرية تتم بشكل سنوي، حيث يجهّز الطير نفسه لها بكثرة الصيد، ولها مصطلح عامي تسمى "العد" أو "الصنيع"، ثم يبدأ تبديل الريش وتكون آخر ريشة للصقر "الموس" بعد أن يتخلص من ريشها، مكملاً (52) يوماً. شبك الصقور وذكر "مشهور عبدالله الجلمود" أنّ صيد الصقور الصغيرة المهاجرة يتم بعدة طرق منها شبك الصقور بالحمام، حيث يتم تلبيس "شبك" على ظهر الحمامة، وحين ما يمر الصقر المهاجر يتم رمي الحمامة عليه فيتجه الصقر لها، ويمسك بها، فيلتف الصياد على الصقر للتأكد بأنّ مخالبه في الشبك الموجود على ظهر الحمامة، ثم يضايقه الصقر لكي يرمي الحمامة بعد التأكد من أنّ مخالبه على الشبك، بعدها يرمي الصقر الحمامة، وتمسك الشبكة بمخلب الصقر، والحمامة تلوح بخيط يكون مربوطا برجلها ومتصل اً بالشبك تقريباً (10) سم، بعدها تبدأ ملاحقة الصقر بسرعة إلى أن يتعب ويتم الإمساك به بحذر؛ حتى لا يتعرض ريشه للكسر، مبيّناً أنّ هذه الطريقة الأكثر شيوعاَ، لافتاً إلى أنّ الدربيل" من "الأدوات التي تستخدم في شبك الصقور، والشبك بأنواعه: "شبك الحمام" و"شبك السمان" و"شبك القمري" و"شبك الجربوع"، إلى جانب العدة الخاصة بالأدوات المطلوبة للصقر حين الإمساك به: "البرقع" و"الدس" و"السبوق" -خيوط تربط بها أرجل الصقر-، و"الزهموله" -قطعة قماش يتم لف الصقر بها-. عبور الصقور وكشف "الجلمود" أنّ للصقور هجرة مثل بقية الطيور، فهي تمر عبر وسط وشمال جزيرة العرب، ومن جنوب شرق سورية، والعراق، والكويت، وشمال المملكة، قادمة من روسيا، وشرق أوروبا، حيث يبدأ عبورها في رحلة الذهاب من أواخر شهر سبتمبر لغاية أوائل شهر ديسمبر، متجهةً إلى أفريقيا، ثم تعود في رحلة الإياب التي تبدأ من أواخر شهر فبراير لغاية نهاية شهر أبريل، ويتخلف منها الكثير في مناطق العبور، موضحاً أنّ للرياح تأثيرا كبيرا في تغيير مسار عبورها، موضحاً أنّ الصقور التي تمر بمنطقة الجزيرة العربية تعدّ من أجمل وأفخر أنواع الصقور. مهارة الصقارة ولفت "الجلمود" إلى أنّ الصيد بالصقور مهارة تتطلب الخبرة الكافية، من خلال معرفة أنواع الصقور، ومواصفاتها، وأحجامها، وكيفية نقلها من مكان لآخر، وحسن معاملتها، وتربيتها، إضافةً إلى حسن تدريبها، مبيناً أنّ عملية التدريب هي الأساس الذي يعتمد عليها في تطوير الصقر، وجعله أليفاً، يستبدل خوفه الطبيعي من الصقار إلى طلب الطعام من يده كمكافئه تدريجياً لتجهيزه للميدان. مرحلة التدريب وشدد "الجلمود" على أنّ مرحلة تدريب "الصقر الوحش" تتطلب صقاراً محنكاً، صبوراً، يملك أعصاباً هادئة، منوهاً بأنّ الصقار الجيد هو من يطوع الصقر بمدة لا تتجاوز الأسبوعين، وهي الفترة التي يستطيع بها الصقر معرفة الصقار واسمه الذي يناديه به، حيث يحرمه في هذه الفترة لمدة (24) ساعة من الطعام، وذلك لجعله يطلب من يد الصقار، ويضعها في "الدس"، وبه قطعة لحم، وينادي الصقر باسمه الذي اختاره له بصوت عالٍ جداً، وبعدها يتم وضع البرقع، إلى حين هضمه للطعام، ويستمر على هذا الأمر، مع وضع الصقر على كف الصقار لمدة طويلة، ومناداته باسمه، إلى أن يحرك رأسه ويفتح فمه أثناء مناداته، وطيلة الفترة يحرص على وضع الصقر في مكان هادئ؛ حتى يعتاد على سماع صوت صاحبه، وأثناء إعطاء الصقر للطعام ينادي الصقر بعبارة "حو حو حو" بصوت مرتفع، وتكون بمثابة تشجيع للصقر قبل تناول وجبة الطعام، والاستمرار على هذا العمل، إلى أن يتأكد الصقار بأن الصقر بدأ يستجيب للنداء، وأذهب رهبته، ويكون الاستمرار في تدريبه أمراً سهل. تجهيز للصيد ونوّه "الجلمود" بأنّ التدريب يأتي بعده مرحلة تعويد الصقر على عدم الانزعاج من الإنسان، حيث يتم رفع برقع الصقر بمساعدة صديق، وإحضار الطعام من مسافة بعيدة، وإعطائه القليل منه على مراحل؛ حتى لا يعتاد على عدم الطيران أثناء الإمساك به في البر، موضحاً أنّ هذه المرحلة مهمة جداً؛ لأن الصقر بطبيعته غيور على صيده وينقل صيده وهذا الأمر يجعله أليفاً، لافتاً إلى أنّه يتم إطعام الصقر لحوم الطيور التي يراد صيدها، مثل الحمام، ليألف لحمها وشكلها، ومن أي جهة يأتيها، على مدى أيام متتالية، وبعدها يتم تدريبه بحبل، ومناداته ب"الملواح" باسمه بصوت عالياً، ويتطلب هذا الأمر مساعدة أحد الأصدقاء ليطلق الصقر، وإذا اقترب يوضع له الطعام مع الريش الذي كان يلوح به، وتستمر هذه الطريق حتى يعتاد على الملواح. وأشار إلى أنّه يتم إطلاق الصقر من دون حبل، ويلاعبه الصقار لأشواط عدة ب"الملواح"، وكلما اقترب من أخذ الطعام الموجود أبعده عنه، حيث يرتفع للمرة الثانية، وينقض على الملواح، وتتم هذه الطريقة لعدد (40) مرة وفوق؛ ليستعيد لياقته، وفي المراحل الأخيرة يطير الصقار حمامة على بعد، ويلحق بها الصقر ويصطادها، وبعدها يكون جاهزاً للصيد، ثم تبدأ مهارات الصقار في تنويع الطعام للصقر. مليونا ريال وقال "محمد صبر التمام": "أنوع الصقور متعددة، منها: الحر، والوكري، والشاهين الجبلية والبحرية، ويكثر في المملكة ودول الخليج نقل الصقر الحر، وهناك مواصفات للصقر الطيب الوافي منها: قصير الساق، وافحج -اتساع بين الساقين-، وكبير الكف، ومغطى ساقه بالريش، وكذلك كبير الرأس، وأن يكون عرض الصقر أكثر من طوله أو متساويين، ويكون هجر -عظامه عريضة-، ومناخره متسعة، بالإضافة إلى اتساع وعرض المنقار، واتساع العينين، ويغلب على النحر والرأس البياض ويكون لون الريش صافيا". وأضاف أنّ الصقر المستورد من الخارج كباكستان، وروسيا، والصين، والعراق، وإيران، يكون أقل سعراً من الصقر المشبوك في المملكة، إضافةً إلى أنّ "الصقر الوحش" -غير المدرب- أكثر سعراً من "الصقر البيتي"، منوهاً بأنّ أسعار الصقور غير ثابتة، وتعتمد على المواصفات، حيث تبدأ من (15.000) ريال وتصل إلى الملايين، مستشهداً ببيع صقر من نوع "الحر" بدولة الكويت في هذه السنة بأكثر من (2.000.000) ريال، لافتاً إلى أنّ سعر الصقر بموسم الصيد، حيث يرتفع سعره في بداية الوسم على العكس من نهايته، مقترحاً تنظيم سباقات للصقور أسوة بالدول المجاورة؛ تشجيعاً لهذه الهواية، وتنشيطاً لحركة البيع والشراء. ناد لهواة الصقور وأشار "خالد خلف العنزي" إلى أنّه بدأ في ممارسة هواية الصقور أثناء مرافقة والده وعمه، في بعض الرحلات القصيرة، حيث بدأ في تعلم بعض الأمور اللازمة لشبك الصقور، ثم تعلم قوانين القنص وطريقة احترامها في البراري الواسعة، منتقداً بعض الصيادين الذين لا يعرفون أخلاقيات الصيد، ويتعمدون مضايقة القناصة من خلال التواجد في المكان نفسه؛ مما يعيق تتبع الأثر، إلى جانب الصيد الجائر للطيور، مقترحاً في الوقت ذاته إنشاء ناد للقنص وهواة الصقور، ينظم برامج لتدريب الهواة على القنص وتعلّم قوانين هذه الهواية. عبدالعزيز الجراح خالد العنزي صيد الصقور هواية مارسها الأجداد والأبناء صورة تذكارية مع «طرح العام» محمد التمام «الشبكة» من أدوات صيد الصقور طيور الفري على ظهرها شبكة صيد الصقور