رغم ان استضافة إمارة دبي لهذا المعرض العالمي، سيعود بالربح الوفير عليها ماديا ومعنويا ان هي استطاعات تأمين المستلزمات اللازمة لذلك، وهو ما يتوقعه الجميع، الا ان السؤال الذي يطرح نفسه هو اثر هذه المناسبة العالمية، على مستوى الحياة في الإمارة، وخاصة تلك التوقعات المتزايدة في ارتفاع الاسعار، وخاصة بالنسبة لسوق العقار، والذي عادة ما يتبعه ارتفاعات اتوماتيكية في مجالات اخرى، حيث عزز نجاح دبي في استضافة المعرض الطلب على منتجات القطاع العقاري في الإمارة، وساهم في ارتفاعها بنسبة كبيرة، إضافة إلى تدفق أعداد كبيرة من المستثمرين في ظل الأمان والاستقرار والحياة الكريمة، بعيداً عن المشاكل السياسية والأمنية إذ تُعتبر الإمارات مجتمعاً متعدد الثقافات تعيش كل فئاته بألفة وتسامح ملحوظين. إطلاق حزمة من التوازنات الاقتصادية لكبح أسعار العقارات صحيح ان فوز دبي في اكسبو 2020 يمثل نجاحا كبيراً، الا انه لا بد من التذكير بأن هذا الحدث سيؤثر على الوضع الاقتصادي بشكل لافت، حيث يقدر عدد الذين سيزورون دبي بهذه المناسبة باكثر من خمسة وعشرين مليون زائر بين رجل اعمال ومستثمر ومهتم وسائح، كما انه سيوفر اكثر من مئتين وسبعين الف فرصة عمل، لكن لا أحد ينكر ان هذا قد يتبعه غلاء في الحياة، قد يستوجب ارتفاعا مناسبا في مستويات الدخل ايضا، ولا سيما من ابناء الطبقة الوسطى التي سوف تتأثر بهذا المناخ الاقتصادي الجديد. ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين ان اختيار دبي لاستضافة اكسبو 2020 سيحقق لاقتصادها وسوقها العقارية تحديداً مكاسب طويلة الاجل، الا انهم حذروا من التأثير الاقتصادي قصير الامد، وذلك لتفادي طفرة اقتصادية قد تؤدي الى ارتفاع الاسعار بشكل كبير، لا سيما اذا علمنا ان هناك الكثير من اصحاب رؤوس الاموال الذين سيسعون للانقضاض على المكاسب، واستغلال تلك المناسبة الى اقصى قدر ممكن، رغم الاجراءات الحكومية التي تتخذها حكومة دبي للحد من ارتفاع اسعار الايجارات نتيجة الزيادة في الطلب. يبقى ان نقول ان دبي التي عودتنا على القدرة على التعامل بإيجابية وبعد نظر في مثل هذه الحالات، لا بد ان تأخذ بعين الاعتبار هذه القضية الهامة، بحيث لا يتسلل الانتهازيون الى الصفوف، لكي يجنوا ارباحا خيالية بفترات قياسية، متجاهلين الاثار المترتبة على الاخرين، ولا سيما اصحاب الدخل المحدود، الذين قد تأكلهم نيران الغلاء لا قدر الله، وهو امر يبدو ان حكومة دبي قد اعطته الاولوية التي يستحقها، حيث أكدت فيه دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، أنها تتعامل مع مسألة الأسعار وفقاً لقانون حماية المستهلك، فيما لفتت جمعية الإمارات لحماية المستهلك، إلى ان الأسواق المحلية تتميز بوجود ضمانات تدعم معايير حماية حقوق المستهلك، ما يمنع لجوء بعض التجار لمحاولة استغلال فوز دبي باستضافة ملف «إكسبو 2020» لرفع أسعار السلع أو الخدمات. وقال رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية المستهلك، الدكتور جمعة بلال فيروز، إن «الأسواق المحلية تتميز بوجود ضمانات تدعم معايير حماية حقوق المستهلك عبر أنشطة تنفذها وزارة الاقتصاد، والدوائر الاقتصادية، والبلديات، ما يمنع لجوء بعض التجار لمحاولة استغلال فوز دبي باستضافة ملف (إكسبو 2020) لرفع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية، إلا ان هذا لا يلغي ابدا اهمية الانتباه الى هذه المسألة، خوفا من وقوع ما لم يكن في الحسبان. وبدأت دبي في توازن بعض الأمور الاقتصادية فيما يخص العقار، حيث ذكرت "رويتر" أن مجموعة دبي العالمية قد باعت فندق أتلانتس المقام على جزيرة صناعية على شكل نخلة في الوقت الذي تجمع فيه المجموعة المملوكة للحكومة أموالا لسداد ديونها الضخمة بعد إعادة هيكلة لديون قيمتها 25 مليار دولار في عام 2011. وقالت مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية إنها اشترت الفندق من شركة استثمار العالمية التابعة لمجموعة دبي العالمية مقابل مبلغ لم تكشف عنه بحسب تقرير "رويتر". وقال خليفة الدبوس نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة في بيان إن الاستحواذ على أصل له مساهمة رئيسية في قطاع السياحة المحلي ينسجم مع الاستراتيجية العامة للمؤسسة في دعم نمو دبي على المدى البعيد، وبيع الفندق حلقة جديدة في سلسلة عمليات بيع أصول تقوم بها دبي العالمية التي تعهدت ببيع أصول غير أساسية في إطار خطة إعادة هيكلة الديون التي أعدتها حين سقطت المجموعة فريسة لأزمة طاحنة في سوق العقارات بالإمارة وتداعيات الأزمة المالية العالمية، وتحتاج الشركة إلى سداد 4.4 مليارات دولار في مايو أيار 2015 بموجب شروط إعادة الهيكلة. ويتعافى اقتصاد دبي بفضل تجدد تفاؤل المستثمرين تجاه قطاعات التجارة والسياحة والعقارات لكن الإمارة ما زالت تواجه سداد ديون بقيمة نحو 50 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ويعزز الانتعاش الاقتصادي الأوضاع المالية لبعض المؤسسات الحكومية التي تتدخل لتقليص عبء الدين، وقالت تقارير إعلامية محلية إن هيئة كهرباء ومياه دبي تعتزم شراء بالم يوتيليتيز لتبريد المناطق المملوكة لمجموعة دبي العالمية. وتضمنت خطة إعادة هيكلة الديون لمجموعة دبي العالمية جمع 1.3إلى 2.3 مليار دولار في الفترة بين عامي 2010 و2012 إلى جانب 3.9-5.3 مليار دولارات بين 2013 و2015 من خلال بيع أصول مثل بي اند أو فيريز وام.جي.ام ريزورتس انترناشونال. ورغم ذلك وقفت دبي العالمية مكتوفة الأيدي بسبب الظروف غير المواتية لبيع الأصول وهبوط قيمتها منذ الأزمة المالية العالمية ولم تبدأ في بيع أجزاء من محفظتها سوى هذا العام. وأنشئ فندق أتلانتس عام 2008 كمشروع مشترك بين استثمار العالمية وكيرزنر انترناشونال. وفي ابريل نيسان 2012 استحوذت استثمار على حصة كيرزنر البالغة 50 بالمئة في الفندق مقابل 250 مليون دولار. وبيع أتلانتس هو ثاني عملية بيع تقوم بها دبي العالمية هذا العام بعد بيع جازيلي البريطانية لخدمات الإمداد والتموين في يونيو حزيران. وتقترب المجموعة من بيع فندق فونتينبلو في ميامي بيتش بولاية فلوريدا. وتملك مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية حصصا في عدد من أشهر العلامات التجارية في الإمارة مثل طيران الإمارات وإعمار العقارية وبنك الإماراتدبي الوطني. وتشمل المحفظة الاستثمارية لشركة استثمار العالمية أصولا في قطاعات خدمات المستهلكين والخدمات الصناعية والمالية والفنادق والعقارات التجارية. ومن بين أصول الشركة مجموعة سيرك دو سوليه للترفيه وفندق ماندارين أورينتال في نيويورك. وتضررت الوحدة الاستثمارية بشدة من جراء الأزمة المالية العالمية في عام 2009 مع الانخفاض الحاد في قيمة الأصول ونضوب مصادر الائتمان. وعينت الشركة المصرفي المخضرم زياد مكاوي رئيسا تنفيذيا لها في سبتمبر أيلول. وتشير التقديرات أن إجمالي الاستثمارات السياحية في دولة الإمارات سوف تصل الى 858 مليار درهم بحلول العام 2016م. أخيراً لا بد من الإشارة إلى ان الجميع هنا ينتظر إكسبو 2020 بتأكيدات على انه فوز كبير ومهم، خصوصاً انه للمرة الاولى سيعتقد في المنطقة العربية، وبين من هو مفرط بالتفاؤل من نتائجه الإيجابية ومفرط في التشاؤم، تبقى الحقيقة واضحة وساطعة تؤشر على أن الإمارات استحقت الفوز بجدارة وثقة، وفي جعبتها ما سيدهش العالم، وما يؤكد على مكانة الإمارات عموماً ودبي خصوصاً في عالم الاقتصاد والاستثمار والجذب السياحي بعيداً عن القلق المتعلق بارتفاع الاسعار والغلاء لأن هناك ضوابط وثوابت معلنة وملزمة لجميع الأطراف.