غطّت الألعاب النارية سماء دبي وقفزت أسهم بورصتها عند الافتتاح بنسبة تجاوزت 3.5 في المئة، تفاعلاً مع إعلان فوز الإمارة باستضافة معرض «إكسبو 2020 الدولي». ويُتوقع لهذا الحدث أن يعزز نهضة دبي واقتصادها من خلال تدفقات مالية تقدر بنحو 28 بليون يورو وفرص عمل لما يزيد على 277 ألف شخص. وخصصت حكومة دبي أكثر من 7 بلايين دولار لتنفيذ مشاريع بنية تحتية سيبدأ العمل بها فوراً استعداداً لاستضافة المعرض الذي يُنظّم للمرة الأولى في المنطقة العربية منذ إطلاقه في لندن عام 1851. ورجح اقتصاديون وخبراء أن يشهد اقتصاد دبي طفرة جديدة باستضافة «إكسبو 2020»، إذ توقعوا تدفق ملايين الزوار إلى الإمارة وتنفيذ مشاريع ضخمة. ولم يخف اقتصاديون كثر خشيتهم من أن يستغل المضاربون في أسواق العقار والبورصة هذا الحدث ليقفزوا بالأسعار في شكل مبالغ فيه. لكن الرئيس التنفيذي لشركة «إعمار» العقارية محمد العبار طمأن المستثمرين إلى أن «حكومة دبي لن تسمح بارتفاع غير مبرر للأسعار». ويبدو أن استراتيجية الإمارة بالسيطرة على الأسعار انعكست أيضاً على أسعار الأسهم التي تراجع مستوى ارتفاعها بعد ساعة من الافتتاح، على رغم تفاعلها الإيجابي مع إعلان فوز دبي باحتضان المعرض الذي تمتد نشاطاته على مدى ستة أشهر، ويشارك فيه آلاف الشركات من أنحاء العالم. وتغلبت إمارة دبي في الجولة الثالثة على المنافس الروسي بعد حصولها على 116 صوتاً فيما حصلت مدينة إيكاتنبرغ الروسية على 47 صوتاً. وكانت نتائج الجولة الثانية من عملية التصويت كشفت عن حصول دبي على 53 في المئة من الأصوات وإيكاتنبرغ الروسية على 25 في المئة وإزمير التركية 22 في المئة، لتخرج بعدها مدينة إزمير من عملية التصويت، وسط أجواء الحماسة والتشويق في الإمارات، حيث انتشر شعار المعرض في كل شوارع المدينة ومؤسساتها الخاصة والعامة ومطاراتها. وسادت حال من التفاؤل الإيجابي في أوساط المستثمرين والمحللين الاقتصاديين في الإمارات فور إعلان هذا الفوز، وأشاروا إلى أن الإمارة تحتاج إلى مشاريع واستثمارات ضخمة لإنجاز الاستعدادات اللازمة لاستقبال المعرض بعد سبع سنوات، ما يؤكد أن السنوات المقبلة ستشهد انتعاشاً ربما يتفوق على ذلك المحقق قبل أزمة المال العالمية. وقال الخبير الاقتصادي رئيس شركة «العابدي للسياحة والسفر» سعيد العابدي، إن التوقعات في شأن استضافة «إكسبو 2020»، «تسببت بانتعاش اقتصادي ملموس ظهر منذ مطلع العام الحالي في الإمارة. ولم يستبعد أن يواصل الاقتصاد انتعاشه، كما سينعكس إيجاباً على اقتصادات منطقة الخليج. وستستفيد منه كل الشركات في المنطقة وليس فقط في الإمارات. ورجحت مصادر أن يكون قطاع الإنشاءات من أكثر القطاعات استفادة من الحدث، إذ ستُنفذ مشاريع إضافية في مجال البنية التحتية، بما سينعكس إيجاباً بعد ذلك على القطاعات. ويُذكر أن فوز دبي باستضافة «إكسبو 2020» أُعلن في باريس مساء أمس، بعدما فازت على أربع مدن منافسة في انتخابات شاركت فيها 168 دولة. وأشارت وكالة «رويترز» إلى هذا الحدث الذي سيستقطب استثمارات ببلايين الدولارات، محذرة من أن يكون نذيراً بتكرار دورة الازدهار ثم الانفجار التي كادت تتسبّب في انهيار مالي قبل بضع سنوات. وساهمت الآمال في نجاح محاولة الفوز باستضافة المعرض بالفعل في إذكاء المضاربة في السوق العقارية، إذ قفزت الأسعار نحو 20 في المئة في الشهور ال 12 الماضية، فيما زاد مؤشر سوق الأسهم 79 في المئة هذه السنة. واعتبر كبير خبراء الشرق الأوسط في «إتش أس بي سي» سايمون وليامز، أن المعرض «يرمز بقوة» إلى أن دبي «تضع انهيار 2009 خلف ظهرها»، لافتاً إلى أن «العالم يدرك متانة استقرارها السياسي واقتصادها الحقيقي المفتوح المعتمد على التصدير». لكن لم يغفل أن «التحدي الرئيس الذي يواجهه صناع السياسة حالياً ليس تحقيق النمو بل إدارته وضمان استدامته وتوازنه». وقال «ستحدد القرارات المتعلّقة بالسياسة خلال الشهور ال 12 المقبلة مدى النجاح الذي ستحققه دبي في تفادي تكرار دورة الازدهار ثم الانفجار في المستقبل». وسيُبنى مركز ضخم على موقع المعرض البالغة مساحته 438 هكتاراً، فضلاً عن عشرات الآلاف من الغرف الفندقية الجديدة وتمديد خط مترو دبي. وقدرت مجموعة «إتش أس بي سي»، النفقات الإجمالية المرتبطة بالمعرض بما فيها مشاريع القطاع الخاص بنحو 18.3 بليون دولار. واعلنت السلطات «اتخاذ خطوات للحد من الأخطار». إذ ضاعفت دبي رسوم التعاملات على الأراضي إلى 4 في المئة، في محاولة لكبح المضاربة العقارية. كما وضع البنك المركزي الإماراتي قواعد تقيد الإقراض العقاري وتحد من انكشاف المصارف على الشركات الحكومية الكبيرة.