أكد مثقفات ومثقفون، أن «أُس» تحقيق الأهداف المنشودة من الملتقيات والمحافل الثقافية المحلية، وتمثيل ثقافتنا في المناسبات العربية والدولية، مرده «الدعوة» التي يتم توجيهها إما للمشاركة، وإما لحضور تلك اللقاءات، مؤكدين من جانب آخر أهمية إسناد هذه المسؤولية إلى لجان استشارية مثقفة واعية بحراكنا الثقافي، وما يشهده من تطور في اتجاهاته الثقافية والفكرية والأدبية والإبداعية، لديها من قدرة الإطلاع، والعلاقات العامة في التواصل الثقافي مع مشهدنا المحلي ما يخولها لهذه المسؤولية. اعتدال ذكرالله تقول الشاعرة اعتدال ذكرالله: هذه الظاهرة يندى لها الجبين، فقد اصبحت ظاهرة تسيء إلى واقع ثقافتنا المحلية، لأن توجيه الدعوات يكشف عن استشراء الشللية، ويكشف كيف توجه الدعوات حسب العلاقات الشخصية ليس إلا، التي تحولت في مشهدنا المحلي إلى درجة وصلت إلى "أدعني وأدعوك". وعن تكرار الأسماء الذي نتجه يأتي مرآة لتلك الدعوات، أكدت الذكرالله أن هناك أسماء لها إسهامات ثقافية وإبداعية ما يجعل حضورها فاعلا، إذ المشكلة ليست متعلقة بهذه الشريحة، لكونهم غالبا ما يثرون الملتقيات مشاركين، أو حاضرين من خلال مداخلاتهم، إضافة إلى اختلاف الجهات الداعية ومن ثم فهناك حرص – أيضا – على هذه الشريحة التي تستحق الدعوة والحضور، مردفة في هذا السياق قولها: المشكلة تكمن في توجيه دعوات لأسماء تستغرب وجودهم في ملتقيات للإبداع، أو شأن من شؤون الفنون الثقافية، وهم أبعد ما يكونون من ذلك الفن الإبداعي أو ذاك الشأن الثقافي. أما عن دعوة أصحاب الإبداعات من الشباب، أشارت اعتدال أن ما يطرح غالبا لا يلامس اهتمامات الشباب وميولهم، ومن ثم فمن الطبيعي أن يكونوا غائبين عن حضور تلك الفعاليات، التي لا تلمس اهتماماتهم، مما يتطلب الالتفات إليهم عبر موضوعات تحرضهم على الحضور، محذرة في الوقت ذاته إشراك أنصاف المثقفين في المحافل الثقافية المحلية العربية، نظرا لما ينعكس بدوره سلبا على الرؤية إلى المثقف في المملكة. مها السراج كما وصفت الشاعرة والإعلامية مها السراج، أن الدعوات التي تعكس واقع الشللية ومدى تأثير العلاقات سلبا من خلال الدعوة إلى المشاركة وحضور الملتقيات والمناسبات المختلفة، بأنه لم يعد مقتصرا على الجانب الثقافي وإنما انسحب على مختلف المجالات المعرفية الأخرى. وقالت مها: نتيجة لهذه الظاهرة السلبية التي ما تزال متنامية في مشهدنا الثقافي، همش الكثير ممن يستحقون المشاركة، وممن هم أهل للحضور والتفاعل، مما انعكس من جانب آخر على صورة سلبية أخرى تتمثل في إعطاء مهمة تمثيل ثقافتنا المحلية لأصدقاء الشلة الذين عادة ما يظهرون ثقافتنا ومنجزها بشكل متواضع جدا أمام المتابعين لنا في المشهد الثقافي العربي عامة، مما أفرز – أيضا – مقاطعة شريحة من المثقفين "الحقيقيين" لتلك الملتقيات نتيجة لتمادي "الفردانية" و "الشللية" في شيوع هذه السلبية، التي ما تزال متكررة من لقاء ثقافي إلى آخر. وعن تغييب الشباب وعدم إشراكهم بطريقة هادفة مقننة، وتوجيه الدعوات إليهم للحضور والإفادة من التجارب، أكدت السراج ان هذه المشكلة تأتي امتدادا لما يجده أصحاب المواهب الواعدة من الفتيات والشباب في الجامعات، ليجدوا – أيضا - خارج أسوارها أشكالا مختلفة من التهميش المؤسسي الثقافي لهم، الذي يأتي في مقدمته وأهم أشكاله عدم الاكتراث بما يمتلكونه من مواهب إبداعية، وقدرات ثقافية كان من حقهم على المؤسسات الأكاديمية والثقافية تنميتها ورعايتها وصقلها، لتكون قدرات إبداعية قادرة بشكل فاعل على الإسهام في مسيرة الحراك الثقافي لبلادنا. سعيد الأحمد من جانب آخر وصف الكاتب سعيد الأحمد إشكالية الدعوات، أنها تبدأ من مشكلة إسناد هذه المهمة لغير أهلها، وذلك من خلال اجتهادات فردية أحيانا، وعدم معرفة بالمثقفين أحيانا أخرى مما ينتج عنه هذه الإشكالية التي ما تزال ظاهرة سلبية تصحب عامة الملتقيات والمناسبات الثقافية المختلفة. وقال الأحمد: لحل هذه الإشكالية لا بد له من تشكيل لجنة استشارية " حقيقية" لديها الإلمام والوعي الكافي بالمثقفين والأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي، للخروج من مأزق إسنادها إلى مجرد أفراد أيا كانت أسباب إخفاقهم بقصد أو بدون قصد، لأن النتيجة في النهاية هو ما نشاهد ونجد من هذه الظاهرة التي ما تزال قائمة في مختلف المناسبات الثقافية. ومضى الأحمد في حديثه مؤكدا أهمية إسناد مهمة الدعوات، إلى المثقفين الحقيقيين وأبناء المشهد الثقافي الفاعلين، الذين لديهم القدرة والمعرفة والدراية الكافية، ومهارات التواصل والعلاقات العامة في تواصلهم مع المثقفين والمبدعين، مشيرا إلى أن الحضور في أي محفل ثقافي يعكس بدقة قدرة وعي المسؤولين عن الدعوات، ومد إلمامهم بحراك ساحتنا الثقافية. وأردف الأحمد قائلا: يتضح لي من خلال ما تشهده مناسباتنا الثقافية، أن من تسند إليه الدعوات إما موظف، أو شخص ليس له تواصله الثقافي الذي يؤهله لهذه المهمة، او لآخر ليس لديه دراية إلا بمن جايلوه من المثقفين، إذ لا يعرف سواهم ولن يكون بمقدوره دعوة غيرهم. .أما عن الأرقام المعلنة من لقاء ثقافي إلى آخر التي تحولت هي الأخرى إلى أشبه ما تكون بسباق ل "كسر" رقم حواجز بعضها بعضا، من ملتقى إلى آخر قال الأحمد: قد يكون العدد صحيحا، لكون مقارنة عدد الحضور الفعلي بتلك الأرقام التي تعلن، مسألة أخرى حتى في ظل مقارنة أرقام الدعوات بذلك الحضور، لكون المشكلة مرتبطة بآلية توجيه الدعوات، لذلك لا نستغرب بعد ذلك العزوف عن الحضور، أو الحضور فقط في الفنادق دون الفعاليات، لأن أولئك وجه لهم دعوات لما هو خارج ميولهم واهتماماتهم. وختم الأحمد حديثه في هذا السياق مشيرا إلى أن شريحة ممن يحضرون تلك الملتقيات من أصحاب الاهتمام والاختصاص حضروا دون دعوة وجهت لهم، مما يجعلهم خارج قوائم حسابات المدعوين، إذ نجدها صورة متكررة، مختتما حديثه أن أصحاب المواهب الواعدة من فتيات وشباب، مغيبون بوجه عام عن المشاركة وخاصة في الأندية الأدبية، ومن ثم فهم مغيبون عن الدعوة للحضور أيضا.