يؤكد المثقفون ان ظاهرة تكرار الوجوه المشاركة في الفعاليات والأنشطة الثقافية الداخلية والخارجية أصبحت مزعجة وخاصة للمثقفين الذين لا يمتلكون علاقات للحصول على مشاركة داخلية او خارجية. ويضيف بعض المثقفين ان الشللية والمحسوبية هي ما تحدد الأسماء والشخصيات المشاركة وليس الانجاز، في حين هناك أسماء لها منجز وحضور في المشهد الثقافي وتستحق الالتفات إليها لتكون في مقدمة المشاركين سواء للفعاليات والمهرجانات الداخلية او الخارجية. المحسوبيات في البداية يتحدث الروائي خالد الخضري: فيما يخص الأسماء المكررة في المشاركات الخارجية هو فعلا أمر ملموس، وكنا في الاعلام والصحافة نعاني من الشللية والمحسوبيات التي لا تتيح مجالا لأي شاب في الدخول في المجال الاعلامي ما لم يكن لديه من يسانده، حتى جاء الاعلام الجديد ليكسر هذا الحاجز ويجعل الاعلام التقليدي يطارد مثل هؤلاء من أصحاب المواهب. أما المحسوبيات في وكالة الوزارة للعلاقات الخارجية فهي واضحة وجلية في تخصيص أسماء محددة، فهي كعكة تتقاسمها أسماء بعينها كل عام، وهم يطعمونها في كل عام بنزر يسير من الأسماء من غير الأسماء المحددة كي يؤكدوا أن هناك أسماء تشارك من غير الأسماء المكرسة، من أجل ذر الرماد على العيون، وإسكات الأفواه. ويضيف الخضري: أنا ضمن الأسماء التي شاركت لمرة واحدة وفي دولة عربية مجاورة، ولست اطرح هذا الأمر بهدف الالتفات الي، فنحن نشارك في ملتقيات ومؤتمرات داخلية وخارجية بصفتنا الشخصية، لكن من أجل أن يكون هناك إنصاف، أتمنى من القائمين على هذا الشأن في وزارة الثقافة والإعلام أن تتيح الفرصة للشباب وبالذات الشباب الجدد الذين هم بحاجة للتشجيع والدعم. الوجاهة الثقافية فيما يشير الناقد والقاص عبدالله الشايب: لابد من الإشارة إلى هذه الظاهرة حول تكرار نفس الوجوه في المناسبات الثقافية وهي تدل أولا على تفشي الحالة الشللية وثانيا على الأنانية المفرطة وثالثا عدم بذل الجهد من أصحاب القرار في الجهات الثقافية باستقصاء أصحاب العلاقة من مثقفين، ان هذا الوضع صار اقرب الى ما يعرف بالوجاهة الثقافية وكأنما يبين عجزا للمجتمع عن توليد مثقفين وهو في نفس الوقت يؤدي لتكريس حضورهم بمعنى الاستفادة من كل ما هو متاح دون مشاركة الحصة مع الآخرين، والعجيب مع تجاوز كثير من المثقفين هذا الطوق بالاستفادة من وسائط التواصل المختلفة الا انه من المؤكد أن هذا سيخلق فجوة فكرية وثقافية تتنامى مع الوقت وستولد انفصاما في الأجيال، ان هناك مسؤولية على الجهات الثقافية في البحث والدعوة وتكافؤ الفرص للجميع بل ربما تستدعى الأجيال الجديدة عنوة لاستدامة الحراك لاشك ان الظاهرة القائمة لها تأثير سلبي في اتجاهين الأول ركود الأفكار وعدم التحفيز للإبداع والثاني عدم معرفة الاتجاهات الفكرية والثقافية الحالية مما يعطي مخرجات لا تستوعب المدخلات الحقيقية في المجتمع الثقافي. يعاب على الجهات الثقافية التي تتبنى مثل هذا التعامل في الدعوات أنها وبصريح العبارة تخشى تواجد أسماء ثقافية قد تفسد عليها حفلتها الثقافية هنا أو هناك أسماء مستهلكة ويعتقد الشاعر مسفر العدواني أن المؤسسات الثقافية لها دور كبير في ذلك ولكن حفاظاً على نجاح المهرجانات والمناسبات التي تقيمها فإن على موائدها أسماء "مستهلكة" هي تعتقد أنها سوف تزيد من وهج المناسبة أو المهرجان إعلامياً! علماً بأن تلك الأسماء لا تأتي بالجديد بل تقوم بإعادة منجزها الثقافي في كل مناسبة وأنا أقول إعلامياً لأن هناك أقلاماً بعيدة عن الأضواء أو بمعنى أصح الإعلام لم يخدمها فكثير من الإعلاميين يقوم بعمل لقاء ونشر خبر عن بعض الأسماء المشهورة لسبب واضح هو خدمة اسمه إعلامياً مع العلم أن المؤسسة الثقافية الصادقة والإعلام الصادق هما الأولى بتقديم الأسماء البعيدة عن الوهج الإعلامي! ناهيك عن العلاقات بين الإعلامي والمثقف والصداقات ودورها في ذلك! حقيقةً ما زلت أنادي بتقديم مجموعة من الأسماء الرائعة في مناسباتنا ومهرجاناتنا الثقافية فهم يحملون فكراً عميقاً وثقافةً واعيةً ولكنهم بعيدون لأنهم أحبطوا من تكرار أسماء معينة في كل مناسبة وأهملوا من قبل الإعلام والمؤسسات الثقافية. الأسماء الشابة ويتعمق الناقد والكاتب نايف كريري في الموضوع بصورة اكبر ويقول: تحدث الكثير حول هذه الظاهرة، حتى أن بعضهم قال متندراً ذات يوم بأن هناك قائمة تضم أسماء مثقفين وأدباء من داخل المملكة وخارجها تتداول بين الجهات الثقافية والمؤسسات الثقافية ذات العلاقة ليتم دعوة كل من في هذه القائمة فقط دون زيادة وربما نقصان أيضاً.. وعلينا إذا ما أردنا أن نضمن وجودنا في العديد من الفعاليات الثقافية أن نجد الطريقة لكتابة أسمائنا ضمن هذه القائمة.. وأسوق هذه القصة لأن هذه القضية متكررة وبشكل دائم عندما تحضر الفعاليات الثقافية والأدبية في المملكة في كل عام أكثر من مرة، يوجه اللوم دائماً بالتكرار الملحوظ في الدعوات إلى القائمين على هذه الفعاليات، واختيارهم أو تعمد اختيارهم لأسماء معينة تهتم بحضورها، دون الالتفات إلى التجديد أو إلى البحث عن أسماء أخرى بدأت تظهر على الساحة الثقافية في السعودية وأصبح لها تواجدها الكبير من خلال إصداراتها أو آرائها الثقافية والأدبية.. ويرى كريري: مما يعاب على الجهات الثقافية التي تتبنى مثل هذا التعامل في الدعوات أنها وبصريح العبارة تخشى من تواجد أسماء ثقافية قد تفسد عليها حفلتها الثقافية هنا أو هناك وذلك نظراً لما يعرف عن هذه الشخصية من حدة في الرأي ومخالفة لكثير مما يطرح من قبل هذه المؤسسة أو تلك.. ويطرح كريري الحل لهذه الظاهرة: وإذا ما أرادت المؤسسات الثقافية والأدبية في المملكة التخلص من هذه الظاهرة فعليها أن تبدأ أولاً بتمزيق هذه القائمة حتى وإن كانت تخيلية!! وتتعب قليلاً في كل مناسبة ثقافية بأن تختار الأسماء المناسبة للفعالية المناسبة، وأن تتيح للأسماء الشابة الجديدة الحضور والمشاركة حتى وإن اختلفت معها في الرأي، فهذا من شأنه أن يعكس حراكاً ثقافياً لأي فعالية ويجعل منها حديثاً مقروءاً على الساحة بدلاً من أن تقام فعالية وتختتم ولا يعلم عنها أحد لأن كل من حضروا قاموا بهز الرؤوس ثم انصرفوا..