العاصفة الثلجية التي عصفت بلبنان منذ أيام تقابلها "حرارة" سياسية خلف الكواليس لجميع الأفرقاء اللبنانيين، وهي تتصاعد على وقع اقتراب الاستحقاق الرئاسي أي انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أيار (مايو) المقبل في حين أن المهل الدستورية تبدأ في شهر آذار (مارس) القادم فيصبح مجلس النواب اللبناني هيئة غير قابلة للتشريع. وإزاء الجدل حول حدود تصريف الأعمال ورفض الرئيس ميشال سليمان وقوى 14 آذار تعويم الحكومة المستقيلة ورئيسها نجيب ميقاتي "لأنها فاقدة للشرعية الدستورية"، يبدو فريق 8 آذار متمسّكا بفكرة تشكيل حكومة بصيغة 9\9\6أو أقلّه تفعيل الحكومة وهو بنظر هذا الفريق ضرورة ملحّة بسبب الأوضاع الأمنية وضرورة البتّ بملفات مستعجلة أبرزها تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تبدأ أعمالها في 16 يناير المقبل في لاهاي (يبلغ تمويلها لهذه السنة 58 مليار ليرة ستدفع من احتياطي الموازنة)، وملف النازحين السوريين الذي جاوز عددهم المليون ومئة ألف ويثقلون بشكل كبير على المجتمعات المحلية في المناطق اللبنانية كلّها فضلا عن ظروف مأساوية يعيشون فيها في فصل الشتاء. وعلمت "الرياض" من أوساط سياسيّة رفيعة في قوى 14 آذار أنّ " أي تأليف لحكومة يسميها الفريق الآخر "أمر واقع" ليست مطروحة، بل المطروح تأليف حكومة "متوازنة" قبل الانتخابات الرئاسية بأعضاء غير منفرّين لأنه لا يمكن تسليم البلاد الى حكومة "حزب الله" بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان، وهذه الفكرة تبحث على نار هادئة في الأوساط المعنية وأيّ بزوغ لها على أرض الواقع لن يكون إلا بعد انتهاء السنة الحالية وذلك بسبب وجود استحقاقات داهمة أبرزها استحقاق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان". وقالت الأوساط بأنّ:" لا سيناريوهات واضحة بعد للاستحقاق الرئاسي، لكن الأكيد أنّ التمديد لميشال سليمان إن حصل (ولو لفترة أشهر قليلة) فسيكون ضمن سلّة حلّ متكاملة تشمل 3 مواضيع: تشكيل حكومة جديدة، قانون جديد للانتخابات النيابية والاستحقاق الرئاسي". ولفتت ردّا على سؤال "الرياض" عن إمكانية ردّة فعل "حزب الله" حول حكومة مشابهة بقولها:" "حزب الله" وسلاحه انتهت مفاعيلهما في لبنان مع الصفقة الإيرانية الأميركية حول النووي التي حصلت في مجموعة الخمسة زائد واحد، أما حديثه عمّا يسميه "مؤتمر تأسيسي جديد" فهو مرفوض جملة وتفصيلا لأنّه يؤدّي الى حرب أهلية جديدة بين اللبنانيين". من جهتها، قالت أوساط سياسية رفيعة في 8 آذار ل"الرياض" بأنّ " الفريق الآخر (أي 14 آذار) ومعه رئيس الجمهورية يتّجه صوب التصعيد في حين ان أجواء المنطقة برمّتها ذاهبة نحو الحلول". ونصحت الأوساط " بألا يتم الاستعجال في التنبؤ حول الاستحقاق الرئاسي لأن الدول العربية مشغولة بالأزمة السورية وبالتالي فإن "لبنان هو آخر العنقود" والضوء الأخضر لم يأته بعد من أجل حلّ رزمة العقد الموجودة، وبالتالي ينبغي التريّث وعدم حرق المراحل".