قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إن لا جلسة لمجلس الوزراء حتى الساعة، ولا جدول أعمال لها «لأننا ما زلنا نجري المشاورات للتفاهم على الأمور الطارئة والضرورية التي يمكن ان ندرجها على جدول أعمالها في حال التوافق بين كل المكونات التي تتألف منها الحكومة على وجوب عقدها من دون ان تترتب عليها مشكلة جديدة مع أحد نحن في غنى عنها في هذه الظروف التي نمر فيها ونتطلع الى تخفيف الوطأة عن البلد». ونقل زوار ميقاتي عنه قوله قبل ان يتوجه مساء أمس الى جوهنسبورغ للمشاركة في تشييع زعيم جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا ان «تجاوز كل هذه الإشكالات يكمن في تسهيل تشكيل الحكومة الجديدة: فلتشكل اليوم قبل الغد وعندها نعفي أنفسنا والبلد من مشكلة جديدة». وأضاف ميقاتي، وفق زواره: «صحيح اننا الآن في حكومة تصريف الأعمال، وأنا لست في وارد تحدي أحد، لكن هناك أموراً عدة عالقة يراجعني فيها الوزراء ويقولون لي ان معالجتها لا تتم بإصدار مرسوم، وإنما تحتاج الى عقد جلسة لمجلس الوزراء للموافقة عليها، للخروج من حالة الشلل التي نعيشها ومن الجمود المسيطر على معظم الإدارات في الدولة». ولفت الى انه لا يجري مشاوراته لاستكشاف الأجواء وما إذا كانت مواتية لعقد الجلسة، بطلب من قوى 8 آذار لعلاقتها بالزيارات الخارجية التي يقوم بها. وقال: «أؤكد الآن، كما في السابق، أننا لا نركض وراء افتعال مشكلة اضافية، لكن ما العمل؟ ويمكن ان نعقد جلسة للنظر في الأمور الطارئة والضرورية». ورأى ان عقد هذه الجلسة، إذا توافرت لها الظروف السياسية، «لا يعني أبداً كما يعتقد البعض أننا نخطط لعودة مجلس الوزراء لعقد جلساته بصورة دورية، وإنما يمكن ان تعقد من دون أن تكون لها علاقة بالتأزم السياسي الذي يمر فيه البلد، وفي حال لقينا تجاوباً فلا مانع من أن تعقد». وفي هذا السياق، علمت «الحياة» من مصادر وزارية أن الأطراف المشاركين في الحكومة يجمعون على عقد الجلسة لكنهم يربطون موقفهم النهائي بالبنود التي سيتضمنها جدول أعمالها، خصوصاً البند المتعلق بتلزيم التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة. وفي حال لم يدرج هذا البند، فإنهم سيضطرون الى الغياب عنها. ونقلت المصادر نفسها عن قيادات بارزة في 8 آذار قولها: «فليعرض علينا الرئيس ميقاتي، بعد التشاور مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، جدول الأعمال، وإذا وجدنا أنه لا يتضمن البند الخاص بتلزيم التنقيب عن النفط فلن نشارك في الجلسة لأن لا ضرورة لها». وتضيف هذه القيادات: «نحن لا نمانع أبداً في أن يدرج الوضع الأمني في البلد، وخصوصاً في طرابلس، على جدول الأعمال، لكن حصره بهذه القضية أو قضايا أخرى من دون ملف التلزيم، لا يجعلنا نرى ضرورة لعقد الجلسة، لا سيما ان الوضع الأمني هو الآن موضع اهتمام من قبل مجلس الدفاع الأعلى في اجتماعاته برئاسة سليمان أو من خلال الاجتماعات الأمنية التي يدعو اليها الأخير، وقد أوكلت الى الجيش اللبناني مهمة اعادة الاستقرار الى طرابلس بعد ان وضعت كل القوى الأمنية تحت إمرته». لكن القيادات نفسها تؤكد ان الخلاف حول عدد «البلوكات» النفطية الواجب تنفيذها لا يزال قائماً حتى في داخل قوى 8 آذار، إذ ان بعضها يؤكد ضرورة تلزيم كل «البلوكات» دفعة واحدة بينما يقترح البعض الآخر تلزيم ثلاثة منها. وإذ ترفض القيادات عينها - كما تقول مصادرها - التعليق على ما أخذ يتردد داخل قوى 14 آذار من أن دعوة مجلس الوزراء الى عقد جلسة يمكن ان تمهد لإعادة تعويم الحكومة لتتولى مواكبة استحقاق رئاسة الجمهورية بانتخاب رئيس جديد خلفاً لسليمان الذي تنتهي ولايته في 25 أيار (مايو) المقبل، فإن مصادر مقربة من الأخيرة تجزم بوجود استحالة أمام تعويمها. وتعزو مصادر في 14 آذار السبب الى أن هذه الحكومة ليست جامعة وأن مكونات أساسية لا تشارك فيها وبالتالي لا يمكن ان تعطى الصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية خصوصاً إذا ما تعذر انتخاب الرئيس الجديد، الأمر الذي من شأنه ان يدفع البلد الى الفراغ. لكن مصادر سياسية مراقبة تستبعد امكان تعويم الحكومة، وتؤكد ل «الحياة» ان الانشغال في دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد لا يمكن ان يدوم طويلاً بذريعة ان الجمود المسيطر على تشكيل الحكومة الجديدة لن يستمر وأن الرئيس المكلف تشكيلها تمام سلام يمارس سياسة الصبر ويتبع النفس الطويل ولم يقطع الأمل ولو لمرة واحدة في معاودة تفعيل المشاورات الرامية الى تأليف الحكومة العتيدة. وتعتقد هذه المصادر أن سليمان يحتاط منذ الآن لمنع حصول فراغ، وأنه يتحضر لموقف مهم بالتشاور مع سلام وصولاً الى توفير الظروف المواتية لتشكيل حكومة حيادية تأخذ على عاتقها مواكبة المرحلة الانتقالية وتحضير الأجواء لانتخاب الرئيس الجديد. ومع أنها تعتبر شهر كانون الثاني (يناير) المقبل بمثابة الشهر الحاسم لتظهير تشكيل الحكومة، فإنها لا تقلل من ردود الفعل السياسية المعترضة على هذه الخطوة، لا سيما من قوى 8 آذار ورئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط الذي لا يزال يدعو الى تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن هذه المصادر تراهن في الوقت نفسه على قدرة ايران في التدخل لدى قيادة «حزب الله» لإقناعها بعدم الدخول في اشتباك سياسي بسبب رفضها قيام مثل هذه الحكومة. وتعتقد أن ايران التي تدخل الآن في مرحلة اختبار مع الدول الخمس الكبرى وألمانيا، لسلوكها حيال الاتفاق حول ملفها النووي ليست في وارد الدخول في مشكلة على خلفية الموقف من تشكيل حكومة حيادية انتقالية في لبنان، وستسعى الى تمريرها بأقل الأضرار، لتمرير رسالة عبرها الى المجتمع الدولي مفادها انها تدعم الجهود الآيلة الى تأمين انجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، لا سيما ان البيان الوزاري لهذه الحكومة سيكون أقل من عادي ولن يتطرق الى القضايا العالقة في الساحة اللبنانية أكان بالنسبة الى سلاح «حزب الله» أو الى مشاركة الأخير في القتال في سورية الى جانب النظام فيها.