وصف الدكتور عبدالله الغذامي أنه انطلق في مشروعه النقدي من عدة مقومات يأتي في مقدمتها استثمار تراثنا الأدبي، ومن ثم توظيفه عبر مسيرته النقدية مع النقد الثقافي، وخاصة فيما يكتنزه التراث الشعبي من حكايات ذات بعد رمزي، التي تكشف شكلا عن النسق الثقافي، وكيفية احتياله لتمرير معانيه. وعن واقع الحكاية في تراثنا الأدبي، من منظور مقارن بين مدون وآخر لتلك الحكاية وما يتكشف عن الرؤية المقارنة في هذا الجانب قال الغذامي: نحن حينما نرى حكاية الميداني لقصة المثل (وافق شن طبقة) ثم نقارنها برواية الأديب عبدالكريم الجهيمان – رحمه الله - سنكتشف الثغرات التي كانت في الرواية القديمة المبكرة، مما يعني أن المدونين يوجهون الحكاية حسب نوازع الثقافة السائدة في زمنهم، فتسقط بعض العناصر التي لا تتواءم ثقافيا مع التوجه السائد. وعن ما دونه الجهيمان عن الحكاية الشعبية، وتقديمه لتلك الحكايات بعيدا عن الدخول في نسق تدوينها، أكد الغذامي أن رواية الجهيمان كانت أمينة جدا في نقل النص "الشعبي" دون تدخل من المدون، وحينها فإننا نرى مع الجهيمان نرى الحكاية بكامل وجوهها وتكشف لنا صناعها المدون الأول، مردفا قوله في هذا السياق: نخلص من هذا إلى أن الثقافة الشعبية منصفة في حق المرأة تحديدا، بينما الرواية المؤسساتية "فحولية" وتقلل من شأن المرأة. أما عن السطوة الاجتماعية التي تلقي بظلالها على رواية الحكاية الشعبية، وقدرتها على تغيير ملامح الحكايات الشعبية عبر روايات تبعثر وتشتت كنوز تلك الحكايات، أكد الغذامي أن "المدونين" هم من يفعلون هذا، مؤكدا من جانب آخر أن تدخل المدونين في توجيه الحكايات الشعبية باتجاه نوازع ثقافية مختلفة لا يمكن أن يأتي منهم دون قصد، معللا هذا بأن الدليل على القصدية يتمثل في الدليل القطعي الجلي الذي يمثله (نص) الحكاية الشعبية، الذي يقول عنه الغذامي: "لا حجة خارج النص". عبدالكريم الجهيمان وعن نشأة الحكاية الشعبية في حقبة زمنية لها سطوة ما، سواء كانت سطوة فحولية أو غيرها تبعا للمتغيرات الزمنية من حقبة زمنية إلى أخرى، نفى الغذامي هذا التصور فيما يتعلق برواية الحكاية الشعبية قائلا: الحكاية الشعبية مغايرة للثقافة الرسمية، فالفحولة غالبا ما نجدها في الثقافة الرسمية، أما الحكاية الشعبية فهي أكثر إنسانية. وفيما يتصل بقراءة النص الحكائي الشعبي، ومدى ما يحظى به من دراسات نقدية على مستوى النقد الأدبي، أو ما يشهده من محاولات جادة لتقديم قراءة يسعى أصحابها إلى تقديم نقد ثقافي، مقارنة بالاهتمام بالنص الحديث واتجاه شريحة من النقاد إلى دراسته قال الغذامي: للإنصاف هناك نقاد كثر عملوا على قراءة النصوص القديمة، بشكل أتصور أنه يوازي ما نجده في المقابل لما تم الاشتغال بنقده من النصوص الأدبية الحديثة، مختتما حديثه بأن ما يجده عبر القراءات النقدية للنصوص الأدبية سواء فيما يتصل بنصوص التراث أو النصوص الحديثة، فيما يمكن وصفه ب"النقد الثقافي" بأنه نقد قليل ونادر مقارنة بما هو شائع من نقد أدبي.