الياباني نوبوأكي نوتوهارا مؤلف كتاب العرب من وجهة نظر يابانية يرى ككاتب عايش العرب عن قرب مدة ليست بالقصيرة أن العلاقات بين الأفراد في البلدان العربية تقوم على المصالح الخاصة وأسوأ وسيلة في هذا السبيل هي الرشوة حيث تغيب الثقة فتحل محلها المنفعة المتبادلة لهذا شاعت تعابير من نوع (عشان خاطرك) ومن هنا تقع أشياء غير قانونية فيتبادل الذين يخالفون القوانين الحماية والمكاسب!! إذاً صاحبنا صدمه تعبير (عشان خاطرك) فكيف لو عرف بأن معظم القرارات المصيرية لدى العرب لابد وأن تدخل الى فلتر مخصص لهذا الخاطر ومن ثم تخرج للملأ وهي مكبّلة به وبقوة علاقته بخاطر صاحب القرار أي أن الخواطر هي المحرك الحقيقي للأحداث وهي في نفس الوقت محل الاعتبار فلا اعتبار أقوى من الخاطر ألسنا نقول (خُذ بخاطره) أي ليكن القرار آخذاً بعين الاعتبار خاطر صاحب الأمر بصرف النظر عن خاطر القانون والنظام والحقوق الخاصة والعامة..!! المؤمنون بحكاية الأخذ بالخاطر يعتقدون بأن القوانين والأنظمة لم تسن إلاّ من أجل تطبيقها على من لا خاطر له فهذا (ذنبه على جنبه) لماذا لم يكن له أحد يأخذ بخاطره ليرفعه إلى منازل أصحاب المنافع المتبادلة؟.. ولا يؤخذ الخاطر فقط أثناء تبادل المصالح وتمرير المنافع بل وحتى في تبادل العواطف والتعبير عن حارق الاشتياق ألم يقل الشاعر (كلمة ولو جبر خاطر وإلا سلام من بعيد ٭٭٭ وإلا رسالة يا هاجر بيد ساعي البريد)..؟؟ فهل هذه أيضاً ستزُعل صاحبنا الياباني الذي يبدو أنه رغم معايشته حتى للبادية من العرب لم يعرف مدى قوة تأثير الأخذ بخاطر (العين) لدرجة أنها تشفع لمدينة بسكّانها فمن أجل عين واحدة تكرم مدينة، وما أكثر ما أوجعتنا هذه العين لدرجة أن أصبحنا نخاف فيما لو أخذت العين الثانية في الاعتبار، المؤكد أن لا أحد يعرف إن كانت هذه العين التي ألغت كل المفاضلات وكل المقاييس والخطط التنموية ستقدّر هذا التكريم وتحفظ المعروف وترد الجميل بأن تكون على الأقل (عين) مواطنة صالحة أو مواطن صالح لا كما يقال عين عاق شبيهة بالصحراء التي تشرب مطر السماء بنهم وتبتلعه ولا تنبت شيئاً..!! الواقع يقول إن عقبة (عشان خاطرك) هي القابسة لنار الفساد ومازالت تقف حائلاً دون تطوّر المجتمعات العربية وهي وأمثالها إرث ثقيل كبّل ومازال يكبّل أوطاننا ويمنعها من الانطلاق في السباق الأممي بل قد جعلها في عداد المتفرجين البلداء الذين لا يجيدون غير التصفيق والتصفير فهل من سبيل لإزاحة هذه العقبات..؟؟ سأستعير هنا مقولة للمفكر (سيوران) «لزمنا وقت طويل للانتقال من الكهوف إلى الصالونات، فهل سيلزمنا الوقت نفسه لخوض الطريق المعاكس أم أننا سنحرق المراحل»؟؟ أعتقد بأن ربط مناشط الحياة الرئيسة بالتقنية وجعل (الآلة) المتحكّم الأساس في علاقة الناس مع الأجهزة الرسمية ومنع تدخلات أصحاب الخواطر هو الأسلوب الأمثل لإلغاء مبدأ (عشان خاطرك) حينها لن يجد الياباني غير أُناس إذا كالوا للناس (كل الناس) يستوفون. [email protected]