تسلمت المحاكم الإدارية والجزائية 13 دعوى قضائية جديدة تتمثل في طلب تعويضات عن حبس حريات، وجار تبليغ الجهات المدعى عليها بمواعيد الجلسات، ويتوقع بدء الجلسات مطلع رمضان. ووفق مصادر عدلية فإن الدعاوى مقامة على جهات ضبط وتحقيق ووصفت أنها دعاوى فردية وتتمحور الدعاوى المقامة من مواطنين ومقيمين تعويضهم عن حبسهم أو توقيفهم لمدد تزيد على محكومياتهم أو بسبب سجنهم رغم صدور أحكام ببرائتهم وهو ما يخالف نظام الإجراءات الجزائية والمرافعات الشرعية، وتتباين فترات الزيادة التي قضاها المدعون في السجن أو التوقيف من يوم واحد إلى 6 أشهر ويتمسك أصحاب تلك الدعاوى بطلب التعويض عما لحقهم من ضرر مادي واجتماعي بسبب التجاوز في مدة إيقافهم او عدم اطلاق سراحهم بعد انقضاء المحكومية او عند صدور أحكام بالبراءة. قالت مصادر عدلية إن الجهات المدعى عليها عادة ما تتمسك في اجاباتها بسلامة موقفها وفي حالات قليلة تقر بحدوث أخطاء تصفها بأنها قليلة تتسبب في زيادة بعض المدد القصيرة لسجناء بسبب الروتين أو لعدم مراجعة المدعى عليه لاستكمال الإجراءات، في حين تتضمن بعض ردود تلك الجهات بعدم تبلغها بإطلاق سراحهم أو تأخر معاملاتهم في جهات أخرى، فضلا عن ان بعض السجناء يتأخر إطلاقهم بسبب تسوية أوضاعهم كونهم من المقيمين كما ان بعضهم مرتبط في قضايا في الحق الخاص لم تنته. وأكد عضو هيئة الرقابة والتحقيق السابق المحامي والمستشار القانوني محمد المؤنس أن استمرار حبس المواطن او المقيم بعد انتهاء محكوميته يعتبر إجراء مخالفا للنظام، وانه لا يمكن تمديد سجن المواطن هنا إلا بحكم قضائي، مشددا على أن للمتضرر حق المطالبة بالتعويض وفي حال اثبات تضرره فإن له حق التعويض جبرا للضرر. وقال المحامي والمستشار القانوني خالد السريحي: شددت المادة 41 من نظام الإجراءات الجزائية على أنه لايجوز لهيئة التحقيق والادعاء العام إيقاف المتهم لمدة تزيد في مجموعها على ستة أشهر تبدأ من تاريخ القبض على المتهم، وحينذاك تكون الهيئة أمام خيارين هما: إحالته إلى المحكمة المختصة، أو الإفراج عنه، على أن تتولى المحكمة المختصة بنظر الدعوى أمر استمرار إيقاف المتهم من عدمه، كما أن هيئة التحقيق والادعاء العام عندما صدر المرسوم الملكي رقم م/56 المؤرخ في 24/10/1409ه القاضي بإنشاء الهيئة بموجب نظام خاص، حدد من ضمن أعمال الهيئة الرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف، ولذلك نشأت دائرة الرقابة على السجون ودور التوقيف، وتقوم الدائرة بالإشراف والمتابعة والتطوير لأعمال الرقابة على السجون ودور التوقيف وفقا لما تضمنه نظام الهيئة آنف الذكر في مادته الثالثة الفقرة الأولى البند (و) وكذلك ما تضمنه نظام الإجراءات الجزائية في مواده (37، 38، 39)، حيث نصت المادة السابعة والثلاثون من نظام الإجراءات الجزائية «على المختصين من أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام زيارة السجون ودور التوقيف في دوائر اختصاصهم في أي وقت دون التقيد بالدوام الرسمي، والتأكد من عدم وجود مسجون أو موقوف بصفة غير مشروعة، وأن يطلعوا على سجلات السجون ودور التوقيف، وأن يتصلوا بالمسجونين والموقوفين، وأن يسمعوا شكاواهم، وأن يتسلموا ما يقدمونه في هذا الشأن وعلى مأموري السجون ودور التوقيف أن يقدموا لأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام كل ما يحتاجونه لأداء مهامهم». واضاف: كل ما ورد بعاليه هي ضمانات من المشرع للمتهم ولا يجوز المساس بها بأي حال من الأحوال، وإن حدث ذلك فالمشرع أيضا منح المتهم ضمانة أخرى وهي حق اللجوء للقضاء الإداري (ديوان المظالم) بطلب التعويض عن فترة إيقافه إن اتضح أنها لم تكن نظامية أو جاوزت ما هو محكوم به. واضاف: ما يحدث أحيانا من تأخر في اطلاق السجناء أو الموقوفين لا يمكن أن نعزوه إلى سبب واحد أو إلى جهة واحدة، فالأسباب متعددة والمسؤولية مشتركة بين جميع الجهات ذات العلاقة، ولكن هناك سبب قد يكون هو الأبرز أو الأكثر تأثيرا ألا وهو قلة عدد القضاة في المحاكم، فلنأخذ مثلا المحكمة الجزائية بجدة والتي لا يزيد عدد القضاة فيها على 25 قاضيا لمدينة يبلغ عدد سكانها حوالى أربعة ملايين نسمة، أي بمعدل قاض واحد لكل مائة وستين ألف نسمة!. وبالنسبة للحلول فيجب تكاتف الجهات ذات العلاقة وأن تسعى لحل هذه المعضلة وفقا للأنظمة الصادرة في هذا الخصوص، وأن يتم تفعيل دور دائرة الرقابة على السجون ودور التوقيف بشكل أكبر، كما يجب البدء بالعمل بنظام القضاء الصادر عام 1428ه، والذي نص على إنشاء محاكم جزائية مؤلفة من عدة دوائر داخلية للبت في القضايا الجزائية، اضافة الى تعيين قضاة جدد وبشكل موسع حتى يتسنى له البدء في تفعيل نظام القضاء بشكل صريح بدلا من تفعيل المسميات فقط دون المضمون، ولا ضير من الاستعانة بالقانونيين كون النظام سمح بذلك وفق شروط معينة. وقال المدعي العام سابقا المحامي والمستشار القانوني سعد مسفر المالكي «يحق لأي سجين أو موقوف حق مقاضاة الجهة التي حبست حريته عن المدة المقررة (نظاما وشرعا)، وله طلب التعويض»، واوضح أن التعويض يقوم على ثلاثة أركان (تعدٍ) و(ضرر) و(علاقة سببية) بينهما؛ إذ تنص المادة (26) من النظام الأساسي للحكم: تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، كما تقرر المادة (36): أن توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام، وأما المادة (38) من ذات النظام فتقضي بأن: العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي، فيما تؤكد المادة (217) من نظام الإجراءات الجزائية على أنه: إذا كان المحكوم عليه بعقوبة السجن قد أمضى مدة موقوفا بسبب القضية التي صدر الحكم فيها وجب احتساب مدة التوقيف من مدة السجن المحكوم بها عند تنفيذها ولكل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيدا أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة الحق في طلب التعويض.