سمعنا قبل ما يزيد على أسبوع خبر التوصل إلى اتفاق مؤقت في جنيف بين مجموعة الدول 3+3 وإيران بشأن برنامج إيران النووي. وقد أعرب كثيرون عن شكوكهم بجدية الاتفاق. وإنني أتفهم تماما السبب الذي يدعو البعض للتشكيك فيه نظرا لسجل إيران السابق في المراوغة. بيد أنه وللمرة الأولى منذ حوالي عقد من الزمن، تسنح الفرصة لوقف طموحات إيران النووية ومن ثم الحد منها. وانه لمن مصلحتنا جميعا أن نختبر مدى جدية هذه الفرصة التي تمثل الخطوة الأولى نحو احتواء برنامج إيران النووي والتوصل إلى حل شامل في المستقبل. وبالمقابل، عرضت مجموعة 3+3 تخفيف بعض العقوبات الدولية عن إيران على المدى القصير. ولا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به والبناء عليه قبل أن نتمكن من النظر في رفع العقوبات. وهذا لن يتحقق قبل أن نتيقن من الحصول على ما نريد. ومن المفروض أن يشجعنا هذا الاتفاق للتوصل إلى حل في المستقبل، وبخاصة إذا ما ثبتنا على موقف حازم و موحد. إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه معقد بحد ذاته، وبالتالي فإنني لن أتطرق إلى كافة التفاصيل في هذا المقال. وأعتقد أن الأمر ليس كما صوره بعض المعلقين هنا في المملكة حين صرحوا بأن الغرب يتخلى عن مبادئه من أجل التحالف مع إيران. صحيح أن هناك تخفيفاً طفيفاً من وطأة العقوبات ولكنه إجراء مؤقت فقط. ويجب أن نعلم أنه بدون هذا الاتفاق لن تكون هناك أي ضوابط لكبح جماح برنامج إيران النووي أو التحقق من أنشطة التخصيب ومخزونها أو منع إضافة أجهزة الطرد المركزي وتشغيل مفاعل الماء الثقيل في آراك. فضلا عن أنه لن تكون هناك قيود على العديد من الإجراءات التي يمكن أن تقرب إيران من امتلاك القدرة على إنتاج الأسلحة النووية. إن من شأن هذا الاتفاق المؤقت تحقيق كل هذه الأهداف. لقد جاء دور إيران لكي تثبت أقوالها بالأفعال. وفي حال عدم التزامها بتعهداتها، فإنها ستتحمل تبعات جسيمة. ولو أننا لم ننتهز فرصة إبرام مثل هذا الاتفاق مع إيران لكنا ارتكبنا خطأ فادحا. إن ضمان تحقيق كافة أهدافنا في الشرق الأوسط، بما في ذلك خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، لن يتم إلا من خلال بناء العلاقات والثقة وإيجاد قنوات أفضل للاتصال. ولهذا السبب، قام القائم بالأعمال البريطاني الجديد لدى إيران بأول زياراته لها هذا الأسبوع، وللسبب ذاته يقوم أيضا وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بزيارة لمنطقة الخليج. عندما قمت بالكتابة عن إيران في الأسابيع القليلة الماضية محددا الخطوط العريضة للالتزام البريطاني حيال أمن الخليج والسعودية، سمعت العديد من التعليقات القائلة إنه من الطبيعي أن تقول مثل هذا الكلام كونكم السفير البريطاني. أود هنا أن أؤكد بأنني كدبلوماسي وكممثل عن المملكة المتحدة لدى المملكة العربية السعودية أؤمن بأن التواصل والعلاقات هما من الأمور الحيوية والمهمة بين الدول، مثلما أؤمن بالأفعال أيضا. إن الأمر الآن متروك لإيران لكي تستجيب لحسن نوايانا وتعمل على الوفاء بوعودها وتنفيذ تعهداتها وإظهار استعدادها للبناء على هذا الاتفاق مستقبلا. و أخيرا أود أن أوضح بأن الكرة الآن في الملعب الإيراني. * السفير البريطاني لدى المملكة