بصفتي السفير البريطاني لدى المملكة العربية السعودية، غالبا ما يتم سؤالي عن السياسة الخارجية البريطانية، وعن رؤيتي فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، والتطورات الأخيرة في منطقة اليورو، وماذا عن الموقف من إيران. وأود أن انتهز هذه الفرصة لأطرح تصوراتي عن الجزء المتعلق بإيران. كما تعلمون فان هناك ستة قرارات من مجلس الأمن متعلقة بإيران تدعوها إلى وقف برنامج تخصيب اليورانيوم، وأن تقدم ضمانات إلى المجتمع الدولي تثبت فيها أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية فقط. وعلى أية حال فان إيران واقعة تحت حزمة من العقوبات المفروضة من قبل الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من هذه القرارات وحِزم العقوبات المتعددة، فقد دأب المسؤولون الإيرانيون على الاستهانة بإرادة المجتمع الدولي من خلال عزمهم على مواصلة برنامجهم النووي بغية الحصول على قوة عسكرية نووية. إن التهديد الذي تمثله إيران النووية هو تهديد حقيقي لنا ولأصدقائنا في الخليج. لقد قضيت حوالي ثلاثين عاما اخدم كدبلوماسي في الشرق الأوسط، ولذلك فاني أتفهم بشكل جيد قلق المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج العربية جراء امتلاك إيران لأسلحة نووية. لقد برهنت إيران في أكثر من مناسبة أنها لا تلعب دورا مسؤولا. ولقد قامت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالتفاوض مع إيران منذ شهر أبريل المنصرم للتوصل إلى حل لملفها النووي. وبالرغم من مشاركة إيران بهذه المحادثات إلا أنها لم تتخذ الخطوات اللازمة لطمأنة المجتمع الدولي. ولقد كان من المؤسف، ولكن ضروري، أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات إضافية على إيران في يوم 15 أكتوبر. وبالطبع غالبا ما يتساءل الناس عن فعالية هذه العقوبات، نظرا للمنظور السلبي لتطبيقها في العراق. وقد سئلت مرارا عن فعالية هذه العقوبات والمخاوف حول ما اذا كان تطبيقها يؤثر سلبا، بشكل أكبر، على الأبرياء لا على المسؤولين. وقد كان ردي واضحا تجاه هذه العقوبات، حيث إنني ارى أنها الاسلوب الامثل وربما الوسيلة الوحيدة لممارسة ضغط سلمي على الحكومات. إذ إن التوتر الناجم عن العقوبات أجبر إيران على الرجوع الى طاولة المباحثات، كما أن العقوبات وجهودنا المتمثلة في مكافحة انتشار الأسلحة النووية أبطأت برنامج إيران النووي من خلال تقليص حصولها على التمويل والمواد الخام والتكنولوجيا كذلك. إن المظاهرات التي رأيناها مؤخرا في شوارع طهران عقب الهبوط الحاد في قيمة الريال الإيراني مثلت إحدى الدلائل على أن العقوبات، بالإضافة إلى سوء الإدارة الاقتصادية المزمنة، يتركان أثرا ملحوظا. يدرك السيد خامنئي تماما حقيقة وضع الاقتصاد الإيراني والضغط الذي تفرضه العقوبات عليه، ولكنه يواصل تضليل شعبه عن مستقبل اقتصادهم وسيحاول أن يلوم الغرب في ذلك. ولكن لابد أن الاعتراف بسياسة اقتصادية فاشلة وغير مجدية عوضا عن تقبل حقيقة أن العقوبات تترك أثرا فعالا كان قرارا صعبا عليه. وبالرغم من حقيقة أن الأنظمة ستفعل كل ما في وسعها للمحافظة على بقائها على حساب الشعب ومعاناته، إلا أن موقف المملكة المتحدة لطالما كان واضحا : وهو أن العقوبات يجب أن تكون توجهاً وتدار بشكل صحيح لكي تكون فعالة ومجدية. وكجزء من هذه العملية، فإننا دائما ما نسمح باستثناءات معينة، لا تدخل ضمن العقوبات، كالمدفوعات اللازمة لتأمين السلع الإنسانية والأدوية. وحدها الحكومة الإيرانية تدرك الأثر الكامل للعقوبات على اقتصادها، إلا أني أعتقد أن مخاوف النظام في تزايد مستمر بسبب إمكانية استمرار حالة عدم الاستقرار نتيجة تدهور الاقتصاد. وبينما يواصل النظام الإيراني إلقاء اللوم على الآخرين لما آل إليه الحال ، فانه وحده القادر على اتخاذ خطوات لتخفيف الضغوطات الاقتصادية. وأخيرا، تقع على إيران مسؤولية تغيير مسارها الحالي وإبداء استعدادها لإزالة المخاوف حول طموحاتها النووية. وفي حال لم تقم إيران بإبداء حسن نية والبدء بالتفاوض بشكل جدي، فإنه لابد للضغوطات، من خلال هذه العقوبات، أن تتزايد. *السفير البريطاني لدى المملكة