ثمة صرحان طبيان شامخان "بمقاييس أيام زمان" في مدينة الرياض.. هما مستشفى الشميسي ومستوصف الفوطة.. يأتي بعدهما عيادات متناثرة في عمارة الباخرة وشارعي الخزان والوزير.. أغلبهم إن لم يكن جميعهم أطباء عامون.. لعل الدختور الرخاوي أبرزهم.. وعندما نقرأ على مدخل العيادة: عيادة الدكتور فلان.. بكالوريس طب وجراحة.. نُجل ونقدر حاملها وتُدهشنا درجته العلمية "بكالوريوس" وكأنه يحمل شهادة الزمالة في الطب من جامعة هارفرد العريقة.. ولو قدر لأحدنا واطلع على الشهادة العلمية.. المرفقة بتصريح مزاولة المهنة آنذاك.. لوجد ان تلك الشهادات.. بكالوريس طب وجراحة بتقدير مقبول بعد النجاح من الدور الثاني.. من جامعة دمنهور.. أو الزئازيء.. أو جامعة حيدر أباد.. واسألوا أي طبيب الآن ليخبركم كم هو مخجل أن يُكتفى بشهادة البكالوريس فقط.. وكم من ذكريات يختزلها سكان الرياض(الاولين) كهولاً وشياباً.. بلغوا من العمر عتيا.. رجالا ونساء.. عن المستشفى الشميسي ومستوصف الفوطة.. لعل أبرزها الأصانصير وغرفة الضماد والحقن أو الإبر الصدئة لكثرة تعريضها للنار للتعقيم.. قبل تعبئتها بالبينيسلين وغيره من أدوية لحقنها بالتالي "دقهاْ" لمن يحتاجها من مرضى في المستشفى الشميسي.. أو ذكريات الممرضة زبيدة والممرض الألوسي ودافوره.. وحضوره "على دباب" للعمل في مستوصف الفوطَه.. وهذان الصرحان لايبرحان مخيلتي ووجداني عن طفولتنا في الماضي.. يؤججها ويعيدها من آن لآخر.. كوني طبيبا.. ومن نافلة القول إن تسمية الطبيب أو الدكتور يطلق عليه كبار السن من عامة الناس وخاصتهم تسمية دختور. كتسمية حكيم في منطقة الشام والأردن.. ماعلينا.. وأروي قصة عمن يطلقن دختور على كل طبيب ودكتور مهما حمل من شهادات عالية.. وأبطال الحكاية القديمة إمرأتان وطبيب.. وأظن الطبيب هو الدختور الرخاوي الذي خلدت اسمه الأغنية القديمة "علتي حار فيها الدختور الرخاوي" أو الدكتور الغني عن التعريف مناور أبا الخيل رحمه الله.. حيث قامت الامرأتان وهما شقيقتان.. قامتا بمراجعة الطبيب.. وبعد الكشف عليهما وصف لكبيرة السن بعض الحبوب وشراب كحة وللأخرى إبرة أو حقنة في العضل.. وفي طريق العودة للمنزل قالت الكبيرة للصغيرة معبرة عن استيائها من الطبيب: هالحين أنا الكبيرة يعطيني الدختور حبوب وشراب.. وانت يالصغيرة يعطيك إبرة في العضل.. ردت الصغرى وبسرعة: لا تزعلين "يا وخيتي" خذي انتي الابرة وعطيني الحبوب وشراب الكحة.. ويقول الراوي ان الأختان شُفيتا بفضل الله.. رغم تغيير الدواء لكلٍ من الأختين.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. * مستشار سابق للطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية