قدمت خمسة وثمانين عملا تشكيليا، تتحدث عن إحدى أهم القضايا الإنسانية، وأكثرها حضورا في الذاكرة البشرية، إذ قدمت أعمالها تحت عنوان "الخطيئة والغفران" في محطة معرضها الشخصي الثانية بمحافظة جدة، بينما ستكون الوجهة الثالثة لمعرضها المنطقة الشرقية، ومنها إلى المحطة الرابعة في الرياض خلال شهر جون المقبل. تقول صاحبة هذا المشوار التشكيلية فاطمة النمر: قدمت لهذا المعرض خمسة وثمانين عملا فنيا، أخذت مني ما يقارب السنة والنصف، التي قضيت خلالها عملا مكثفا من حيث التخطيط لأفكار الأعمال، والشروع في تنفيذ كل عمل منها وفق رؤية فنية، سعيت جاهدة إلى توظيف التقنية الحديثة المعاصرة فيما أنفذه من أعمال، لتقديم أعمال مختلفة تقوم على توظيف التقنية الحديثة كعنصر رئيس فيما ضمه المعرض من أعمال. أما عن طرح قضية معرض النمر بين (الخطيئة والغفران) من جانب و(الذكورية والأنثوية من منظور اجتماعي) من جانب آخر، قالت فاطمة: كان الهدف من إقامة المعرض تحت عنوان "الخطيئة والغفران" بمثابة مجهرة دقيقة لقضية نعايشها اجتماعيا، وخاصة من منظوري كأنثى، إذ لم أقصد بالضرورة مجتمعنا المحلي، وإنما جاء المعرض مستحضرا هذه القضية عبر العديد من العصور المختلفة بدءا بأول خطايا الخليقة، ومرورا بالعديد من القضايا المفصلية، عبر بعدين أولهما يستعرض تشكيل قضيا لخطايا إنسانية شهيرة من أزمان متفاوتة، نظرا لارتباطها بالذاكرة الإنسانية عبر ثقافات مجتمعية مختلفة. أما عن البعد الثاني فيما يتعلق بتشكيل خطيئة المرأة من منظور اجتماعي، أوضحت النمر أنها قدمت صورة المرأة من خلال دورها الرائد عبر أعمال تتناول نساء ارتبطن بالذاكرة الإنسانية لما قدمنه من أدوار رائدة، كبلقيس، وكليوبترا، وغيرهن ممن ارتبطن بالمنجز البشري الذي لعب النساء فيه دورا رئيسا عبر العصور المختلفة، الأمر الذي يجعل من العمل ينطلق من عمل يشاد به لتجسيد صورة من التسامح تناظر ذلك العمل بوصفه معادلا فنيا في طرح قطبي هذه القضية. وعلى المستوى المفاهيمي للخطيئة والغفران في المجتمع المحلي خاصة، والمجتمعات العربية عامة، أكدت فاطمة في هذا السياق دور الإسلام في التعامل مع هذه القضية البشرية التي ظلت قضية اجتماعية أزلية وما تزال، مشيرة إلى أن أعراف المجتمعات وتقاليدها عربيا وعالميا، ما تزال تلقي بظلال رؤيتها الخاصة على مفاهيم الخطيئة والغفران، مما يجعل طرح هذه القضية أمام الأجيال المعاصرة عبر الفن التشكيلي مهمة صعبة التقديم والمنال، لكون الفن يقدم قضية اجتماعية جوهرية، عبر رسالة جمالية مسالمة لها قوتها الفنية الناعمة. وعن قدرة الفنون على معالجة القضايا الاجتماعية قالت النمر: الفن التشكيلي وغيره من الفنون الإبداعية لها قدراتها الخاصة، فالمسرح أبو الفنون وله قدرته على إيصال رسالته الجماهيرية، وكذا الشعر، أو الرواية، أو غيرها من سائر الفنون الإبداعية، إلا أن القدرة على استثمار مكنونات هذه الفنون والقدرة على توظيفها تمثل ركنا رئيسا في فاعلية رسالتها، أما الركن الآخر فيتمثل في مدى ثقافة المبدع ووعيه برسالته وفنه من جانب، ومدى ثقافة المجتمع المعني بما تقدمه هذه الفنون من رسائل تجاه قضاياه المختلفة. ولما يتسم به الفن التشكيلي من بناء جمالي، قائم على أبعاد ورؤى فنينة، مقارنة بغيره من الفنون الإبداعية الكتابية، ولما يتطلبه من إبداع مركب في التعامل مع صناعة العمل الفني بوصفه منتجا جماليا إبداعيا وفكريا – أيضا - أكدت فاطمة، أنها التحقت بالعديد من الدورات المهارية التدريبية في عدد من مجالات التصوير والنحت وتنفيذ الكولاج، والتصميم، ودورات حاسوبية، التي شكلت بدورها راوفد سعت من خلالها إلى تطوير ما تشكله من أعمال. أما عن دور المؤسسة الثقافية في دعم مشاريع الفنانين التشكيليين فقد وصفتها النمر بالغياب، لأسباب عدة يأتي في مقدمتها"الشللية" التي بات تأثيرها ملموسا حتى على مستوى تحكيم العديد من المسابقات الإبداعية المختلفة، مختتمة حديثها بقولها:أينما وجدت القضية الاجتماعية سأكون موجودة، وكل من يريد تقديم رسالة فنية مقنعة. النمر تقف إلى جوار أحد أعمالها التشكيلية