بدأت قصة تأسيس المتحف المصري بعد فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي شامبليون. وكانت البداية الأولى ببيت صغير عند بركة الأزبكية القديمة. وقد وجه حاكم مصر محمد علي باشا بنقل الآثار المكتشفة إلى المتحف، الذي عُرف وقتئذ بمتحف الأزبكية وذلك عام 1835م كتبت هذا الحديث عندما أعلنت السلطات المصرية عن اعتزامها الاحتفال بمرور 111 عاماً على إنشاء المتحف المصري. سعدتُ لهذا الخبر سعادة كبيرة لأسباب شخصية وأخرى ثقافية وسياسية. أما الشخصية فإنني من المغرمين بالمتاحف كافة، والمتحف المصري خاصة. ولا أعرف عدد المرات التي زرت فيها المتحف، وفوق هذا فأنا ضمن مجموعة أصدقاء المتحف المصري المخلصين له. أما الأسباب السياسية والثقافية فهي كثيرة ومتداخلة، ومن الصعب التوسع فيها. ولكن يأتي على رأسها العودة إلى التعاون المصري والحكومات والهيئات الأجنبية مما ينعكس أثره على بنية المتحف وتطوره وصيانته وغيرها كثير. ومنها أن الاحتفال نفسه رسالة سياسية وسياحية لكل الدول من أن مصر كانت وستظل واحة أمن وصانعة الحضارة. فضلاً عن أن صناعة المتاحف والسياحة التاريخية والاثارية تُعد مصدراً من مصادر الدخل القومي المصري لا يستهان به. ومصر في هذه الآونة في حاجة إلى العودة بدخل السياحة إلى ما كانت عليه قيب ثورة 25 يناير 2011م أو ربما أكبر وأوسع. بدأت قصة تأسيس المتحف المصري بعد فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي شامبليون. وكانت البداية الأولى ببيت صغير عند بركة الأزبكية القديمة. وقد وجه حاكم مصر محمد علي باشا بنقل الآثار المكتشفة إلى المتحف، الذي عُرف وقتئذ بمتحف الأزبكية وذلك عام 1835م. شهد المتحف في تاريخه سنوات سمان وأخرى عجاف، لكنه في المجمل تعرض لسرقات وتعديات واهمال من القائمين عليه، وحدوث فيضان للنيل أغرق كثيرا من مقتنيات المتحف. وفي عام 1858م عُيّن السيد (أوجست مارييت) كأول مأمور لإشغال العاديات (أي رئيساً لمصلحة الآثار). وعلى يديه شهد المتحف نقلة نوعية، حيث خُصصت قطعة أرض كبيرة في منطقة بولاق، من أجل إنشاء متحف للآثار المصرية ونقل إليها الآثار التي عُثر عليها أثناء حفائر في المقابر الفرعونية. وفي عام 1863م شهد المتحف تطوراً آخر إذ أقر الخديوي إسماعيل مشروعاً لإنشاء متحف للآثار المصرية. وفي عام في عام 1881م أعيد افتتاح المتحف وفيها توفي رئيسه السيد مارييت وخلفه السيد جاستون ماسبيرو مديراً للآثار وللمتاحف. وهو العالم الفرنسي الذي ما زال مبنى الإذاعة والتلفزيون يحمل اسمه تكريماً لأعماله الجليلة. السيد ماسبيرو بقي مديراً للمتحف حتى عام 1914م. وفي وقته انتقل المتحف إلى موقعه الجديد في ميدان التحرير وذلك سنة 1902م. وهو التأسيس الثالث الذي تحتفي مصر به هذه الأيام. والدليل المتحفي الذي أملكه الآن من وضع السيد ماسبيرو عام 1883م وجُدد عام 1915م. وهو دليل شامل لم يتغيّر عدا اضافات جديدة. وبقي المتحف يدار من قِبل علماء آثار وعاديات فرنسيين حتى عام 1950م عندما عُيّن السيد محمود حمزة كأول مصري يدير المتحف المصري. في أواخر عهد الرئيس حسني مبارك حصل المتحف على قطعة أرض كبيرة بالقرب من الأهرامات. وكانت النية بناء متحف جديد. لكن مع الثورات المتتالية تعطل المشروع. وأعيد هنا ما اقترحته على الأخ الدكتور د. زاهي حواس وزير الدولة لشؤون الآثار السابق لإطلاق مبادرة عالمية لإعادة المتحف المصري الى سابق عهده، وذلك بتملك مبنى الحزب الوطني المجاور للمتحف الحالي والأراضي المجاورة وهي ليست كثيرة. واعادة تخطيط المنطقة بكاملها، من أجل خلق بيئة سياحية واستثمارية مواتية. هذا الصنيع في نظري أهم من نقل المتحف من موقعه الحالي الذي يُشكل ذاكرة المصريين والعالم. للمكان الحالي موقع نفسي وثقافي، وارتبط بأعمال فنية وموسيقية (مثل الفيلم الوثائقي المومياء) وشعر وأدب ودراسات ليس من السهل الغاؤها من أجل الحصول على مبنى جديد. قلت المتحف له ذكرى عند الشعوب التي تعشقه، خصوصاً تصميمه الفريد الذي يطل على النيل. وقام مصممه المهندس الفرنسي الموهوب السيد مارسيل دورونو عام 1900م باستلهام نسقاً معمارياً كلاسيكياً، لكنه أدخل عليه سمات حديثة. ليتناسب مع الآثار القديمة والكلاسيكية. ومما يعجبني في المقر الحالي أنه قابل لأي توسعة جديدة، وهذا مدعاة لعدم الانتقال منه بحجة ضيق المكان. هذا المتحف أكبر وأقدم المتاحف العالمية. بصرف النظر عن منافسة المتحف البريطاني أو اللوفر الفرنسي أو متحف متروبوليتان الأمريكي، فكل هذه الثلاثة متاحف لا تملك على سبيل المثال 136000 أثر فرعوني. المتحف المصري تاج معرفي وتاريخي في جبين المصريين. ومكانه الحالي من أجمل المواقع. ما يحتاجه في عيده الألفي توسعة، وصيانة، واعتماد تقنية المتاحف الرقمية. مبروك للمتحف المصري وعمر مديد إن شاء الله.