بعيداً عن الخوض في قضية رداءة غالبية مشاريع تصريف السيول لدينا والتي تصنف ضمن خيانة الأمانة بحسب وصف سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حين علق على التلفيات المتجددة التي تصاحب مجيء موسم أمطار الرحمة من كل عام؛ ومثالها أمطار الرياض الهاطلة منذ يومين، والكاشفة لحجم الغش الإنشائي المستمر في معظم مشاريعنا التنموية المصروف عليها ميزانيات هائلة. وما يعنينا هنا هو ما يتعلق بالإجراء الموفق الذي انتهجه قطاع التعليم بشقيه العام والعالي بخصوص تعليق الدراسة في حال كانت التقلبات الجوية تمثل خطورة على الطلاب والطالبات والكادر التدريسي؛ مع الإشارة إلى الانزعاج الشعبي المتولد أحياناً عند تردد بعض مسؤولي التعليم بالمناطق لاتخاذ قرار التعليق برغم الصلاحيات الممنوحة لهم وزاريا. وبطبيعة الحال لم تساهم هذه الخطوة المباركة في الحفاظ على سلامة المستهدفين فقط؛ بل إنها أعطت الفرصة للجهات المعنية كالدفاع المدني والأمانات وغيرهما للقيام بالأدوار المناطة أثناء وبعد هطول الأمطار. لكن الأمر المدهش حقاً؛ هو عدم تعليق دوام موظفي وموظفات الخدمة المدنية أو التأمينات الاجتماعية أو القطاع الخاص مما يجعلهم يباشرون أعمالهم تحت خطر ربما يهدد حياتهم؛ إضافة إلى تسببهم دون قصد في مضاعفة الأزمات إن وجدت. كما أن الموظفين والموظفات لا يزالون مجبرين على الذهاب لأعمالهم وبخاصة أولئك الذين استنفدت إجازاتهم الاضطرارية؛ لا سيما وأن لائحة إجازات موظفي الخدمة المدنية لا تشتمل على منح إجازة لذلك، حيث تضمنت اللائحة الحالية فقط إعطاء إجازة مشاركة في أعمال إغاثية. ولا يخفى علينا ما يتزامن مع مواسم الأمطار من حوادث سير وما تخلفها من خسائر بشرية ومادية إما لقلة الوعي أو لسوء البنى التحتية؛ في ظل انعدام الحراك الإداري لاستحداث قرار يتعاطى مع المخاطر المحدقة بحياة الموظفين والموظفات سعياً لتأمين سلامتهم بعون الله. #ماذا_لو بادرت وزارة الخدمة المدنية -وسيتبعها البقية- في اعتماد إجراء تعليق الدوام في المناطق المعرضة للتقلبات الجوية عبر تفويض فروعها للقيام بذلك بالتعاون مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ومديريات الدفاع المدني لتساهم في تعزيز أمن المجتمع وسلامة أفراده.