مظاهر جديدة بدأت معالمها تتضح وبشكل خجول بين الصين وروسيا كمقدمات لتحالف عسكري، لا يقول صراحة أنه بالبدايات الأولى، حيث سجّلت المناورات العسكرية بين البلدين لقاءً جديداً. بالعودة الى رأي خاص طرحته روسيا قبل عدة سنين بضرورة تعدد الأقطاب والذي اعتبر نوعاً من الخروج من قبور التاريخ إلى الفضاء العالمي الجديد، حيث جاءت الفكرة مجرد إعادة ذكرى لهيبة مفقودة للاتحاد السوفيتي، غير أن الحوافز بقيت قائمة، وخاصة عند الصين الجائعة للتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، والممنوعة عليها، من أوروبا وأمريكا، خوفاً من العلامات الجديدة التي بدأت بظهور صين عظمى، قد لا يبتلعها الغرب ويهضمها إذا ما تحولت إلى قطب اقتصادي وعسكري.. الروس، والذين رأوا حلف الأطلسي يحيط بحدودهم القومية ومنافذهم الاستراتيجية، الأكثر حاجة إلى توازن القوى، أو على الأقل تقاربها مع أمريكا، والتي ستبقى، لعقد أو عقدين ذات السيادة المطلقة عسكرياً وتقنياً واقتصادياً على كل العالم.. أوروبا ليست غافلة عن التطورات المحيطة بالعالم، وقد لا تكون راغبة بعودة حلف الأطلسي بقيادة أمريكا، والتي همشتها بحربي العراق وأفغانستان واعتبرتها تابعاً، جعل الأوروبيين يفكرون باستقلال قوتهم العسكرية حتى لا يدخلوا أنفاق العالم المظلم بمغامرات أمريكية غير محسوبة النتائج، وتضعهم هذه القوة بمصاف القطب الثاني مع أمريكا، ليلحقهما الباقون.. مناورة الصين مع القوات الروسية ربما تثير حواراً هامساً بين الطرفين ومراقبة دقيقة أمريكية، أوروبية إذا افترض الجميع أن الصين تدرك أنها لا تحمي مكاسبها في النمو الهائل في انتاجها، ومدخراتها، واستثماراتها الخارجية الا بقوة ضاربة تحميها، وطالما الحصار قائم من الغرب فالمنفذ الوحيد يأتي من الروس، الذين يبحثون عن معابر تدخل سلاحهم وتقنياته الى العالم الخارجي باعتباره أهم وأقوى مجالات التصدير بعد النفط.. العالم يتشكل على محاور جديدة قد تفترض تحالفات من أنماط مغايرة للماضي، لكنها لا تبتعد عنه، وبأن تعدد الأقطاب يحمي العالم من أي خلل يدفع بأمريكا إلى خلق أزمات جديدة بغطاء عسكري غير مبرر..