ربما ان معرفتي بالأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل تعود لأكثر من اثنتي عشر سنة لكنني لم أقابله مطلقاً وقد لا أميزه لو رأيته إلاّ بعد استرجاع شكله من خلال تذكر الصور التي تظهر له في الكتابات الصحافية أو على أغلفة بعض كتبه. فمعرفتي به جاءت من خلال أعماله العلمية التي بدأت أتعامل معها عندما بدأت الكتابة في تاريخ مملكة كندة فساقني المسار البحثي إلى التطرق إلى أيام العرب في الجاهلية «معارك العرب في الجاهلية» ومواطن تلك الأيام. ومن هنا بدأت معرفتي بأعمال الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الفيصل، وبين الفينة والأخرى اكتشف له عملا له صلة بمجال التاريخ القديم، بل وجدت ان أغلب أعماله التي قرأت لها صلة بالتاريخ القديم وأحياناً في نطاق التاريخ القديم المتكئ على المصادر الأدبية والشعرية والنثرية. ومن أعمال الأستاذ الدكتور الفيصل ذات الصلة بمجال الآثار والتاريخ القديم كتابه «شعراء بني عبس في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي جمعاً ودراسة» الذي تحدث فيه عن تاريخ بني عبس وعن امتداد أراضيهم وفرسانهم وحروبهم وشعرائهم الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين. كما ان من أعماله المميزة كتابه «شعراء بني عقيل وشعرهم في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي: جمعاً وتحقيقاً ودراسة»، وبنو عقيل هم سكان جنوب وسط المملكة العربية السعودية قبيل الإسلام وخلال القرون المبكرة من العصر الإسلامي، وكتابه «شعراء بني قشير في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي». ومن أعماله المشتملة على معلومات آثارية وتاريخية وتراثية كتابه «عودة سدير» الصادر ضمن سلسلة هذه بلادنا التي تصدرها الرئاسة العامة لرعاية الشباب. يعد هذا الكتاب من بين الكتب التي تشتمل على مادة أثرية وتراثية تعكس اهتمام الدكتور بتراث بلدته وبلاده. فإلى جانب المعلومات البيئية والاجتماعية والتاريخية يشمل الكتاب حديثاً عن السواقي أو القنوات التي تستخدم في جلب المياه إلى المنازل أو إلى البلدة من أماكن تجمعها ومصادرها الطبيعية، وحديثاً عن المباني الطينية وعن الآثار القديمة، والمشغولات الحرفية. وذات يوم استعار أحد أبنائي من مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مجموعة من الكتب، فأخذت اتطلع فيها وإذ، بينها كتاب للأستاذ الدكتور الفيصل عنوانه «شعراء المعلقات العشر» وهو ترجمة لشعراء المعلقات العشر وهم امرؤ القيسي وطرفة بن العبد وزهير بن أبي سلمى ولبيد بن ربيعة العامري وعنترة بن شداد العبسي وعمرو بن كلثوم التغلبي والحارث بن حلزة اليشكري والأعشى «ميمون بن قيس» والنابغة الذبياني وعبيد بن الأبرص الأسدي. ويوجد في نهاية هذا الكتاب رصد لكتب الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الفيصل والتي بلغت أحد عشر كتاباً منها ثلاثة مكونة من جزءين. وفي الكتاب «شعراء المعلقات العشر» لخص حياة أولئك الشعراء بطرح أقرب إلى المنهج التاريخي منه إلى المنهج الأدبي فحقق بعض الروايات التاريخية حول الحدث الواحد. وتتفاوت المعلومات التي أورد عن أولئك الشعراء، فجاء عن بعض الشعراء بمعلومات أكثر مما جاء به عن البعض الآخر، فعلى سبيل المثال أورد معلومات عن الأعشى «ميمون بن قيس» وعبيد بن الأبرص الأسدي أكثر مما أورد عن عنتزة بن شداد العبسي وامرئ القيس الكندي. وفي حديثه عن الشاعر عبيد بن الابرص الأسدي تطرق إلى عدة قضايا تستحق التعليق من المؤلف في الطبعة القادمة الأولى، الجمل الذي هيئ لعبيد ليركبه عندما شردت ذلوله. والثانية، حكاية الهبيد الذي اعترف انه هو من يقرض الشعر لعبيد بن الأبرص. والثالثة، عام وفاة امرئ القيس الكندي الذي ذكر انه عام «530» والرابعة، جاء في معرض حديث الدكتور ان البيت المشهور القائل: الخير يبقى وان طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زاد من قول الجن. ولا شك ان هذا الكتاب يحتوي على معلومات مفيدة ومتنوعة ولكنه في الوقت نفسه يتحدث في مجال خصب ومهم وقابل للتطوير، ونتمنى على الأستاذ الدكتور الفيصل ان يطور هذا الكتاب ليصبح مرجعاً تاريخياً الأول من نوعه في مجاله. وخلال قيامي بنقل مكتبتي من منزلي القديم إلى منزلي الجديد وجدت فيها كتاباً بعنوان «من غريب الألفاظ المستعملة في قلب الجزيرة العربية» يبدو أنني اشتريته ولم أقرأه إلاّ مؤخراً عندما وجدته فأعجبت بمحتواه، هذا الكتاب الذي عكس جهداً مضنياً في تأليفه وجمع مادته. فالواضح ان للأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل العديد من الأعمال العلمية التي تساهم مساهمة فعالة في تحقيق وتقديم المعلومات عن استيطان وسط الجزيرة العربية فيما قبيل الإسلام، بالإضافة إلى مساهمتها الأساسية في مجالها الأدبي، فكتابه عن شعراء بني عبس يغطي شمال وسط الجزيرة العربية، وكتابه عن شعراء بني عقيل مع كتابه عن شعراء بني قشير يغطيان جنوب وسط المملكة العربية السعودية. وكتابه عن شعراء المعلقات العشر يغطي معظم أرجاء الجزيرة العربية. واستناداً إلى الأعمال التي قرأت أجد ان الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الفيصل من أساتذة الأدب العربي الذين قدموا ما يستحق ان يقدر ويكرم من قبل الجهات ذات الاهتمام.