هناك كتب لها احتفالية خاصة لأنها تحمل عبق التاريخ, وزمانها الذي سافرت به عبر السنين والمكان الذي انغمست به في صحاري وصفت بالعطشى واليابسة, كتاب: أطلس أسماء الأماكن في الشعر العربي «المعلقات العشر». الذي صدر مؤخرا عن مرينا المتحدة1433 ه - 2012م تأليف الأستاذ محمد بن أحمد الراشد والأستاذ عبدالله بن صالح العنيزان وهما من أبرز الجغرافيين السعوديين الذين مسحوا مناطق المملكة ووقعا خرائط بلادنا حيث بدأ عملهما في أواخر التسعينات الهجرية السبعينات الميلادية بهيئة المساحة الجيولوجية وقاما بإنشاء خرائط المملكة مع زملائهما من هيئة المساحة والمساحة العسكرية.. الراشد والعنيزان عكفا على كتاب أطلس المعلقات العشر ليقدما لنا كتابا يحدد مواقع ومساكن ومنازل وموطن الشعراء العرب التي علقت قصائدهم على أستار الكعبة في زمن الممالك العربية القديمة التي تعرف تاريخيا بالزمن الجاهلي الفترة التي سبقت الإسلام والشعراء هم: امرئ القيس الكندي, وزهير بن أبي سلمى, وطرفة بن العبد البكري, و لبيد بن ربيعة العامري، وعمرو بن كلثوم التغلبي،, وعنترة بن شداد العبسي، والحارث بن حلزة اليشكري، وميمون بن قيس (الاعشى) وزياد بن معاوية الذبياني (النابغة الذبياني) وعبيد بن الأبرص الأسدي. يأتي أهمية هذا الكتاب من ذلك السؤال الذي يلح علينا دائما :أين موطن وسكن امرىء القيس، وزهير وطرفة, ولبيد، والتغلبي، وعنترة، واليشكري،والأعشى، والنابغة وعبيد الأسدي. يأتي السؤال من الضيوف و الأدباء والمثقفين الذين يزورون المملكة أو بمن نلتقى بهم بالمناسبات الإعلامية والثقافية والأكاديمية داخل المملكة وخارجها لمعرفة ديار طرفة وعنترة والنابغة والأعشى وزهير فلا نجد الجواب. وكذلك ما نواجهه من غموض وضبابية في المعاجم والأطالس وكتب البلدانيين والرحالة عندما يحددون مواقع القرى والديار والمنازل فيقولون: بين نجد واليمن، وبين نجد والحجار، أو بين الحجاز والشام، أو في ديار البحرين أو في بلاد هجر أو في صحراء عالج أو في اليمامة وهذه المسافات ليست حيزا صغيرا ومحدودا هي مسافات تقاس ربما بآلاف الكيلو مترات . وتنبع أهمية الكتاب من عدة نقاط: أولا: يعد الأطلس النادر من نوعه كون المنازل موقعة على خرائط حديثة جدا دقيقة وواضحة ومربوطة بأسماء المدن الحالية والطرق الحديثة, وبمسميات المدن والقرى والهجر الحديثة. ثانيا: يعد أول أطلس حديث وعلمي يوثق ويعرف بمواقع الأماكن الواردة في المعلقات العشر. ثالثا: كشف الأطلس عن أن معظم مواطن المعلقات تقع في نجد وسط المملكة فهي مرابع القبائل العربية المستقرة والراحلة, ومواطن المعلقات تمثل مسرح أيام العرب التي دارت عليها الحروب قبل الإسلام. رابعا : توضح خرائط أطلس المعلقات اختلف البلدانيين والقدماء وأيضا المعاصرين حول تحديد المواقع الحقيقية للأماكن التي أشارت إليها المعلقات . خامسا: قدم لنا كتاب أطلس المعلقات 150 خريطة جديدة ومحدثة و قراءة فاحصة. سادسا: أوضح لنا كتاب أطلس المعلقات مدى التواصل بين الأماكن والإنسان وكذلك المحافظة على الأسماء القديمة مثل جبال: طخفة خزاز، وأبان، وقطن وأسماء تم تحريفها مثل جبال محياة (محيوة) وأسماء تغيرت مسمياتها مثل جبال القنان أصبح الموشم وغيرها. هذا الكتاب لو تحول إلى مشروع اقتصادي تبنته هيئة السياحة أو أمانات المدن لجعل المنازل والأماكن إلى معلم سياحي سيدر الأموال والاستثمارات، تضاف إلى مشاريع السياحة الأخرى مثل مدائن صالح والفاو والربذة وسوق عكاظ وجبل قاره ووادي حنيفة،وبالتالي تستطيع هيئة السياحة تحويل الكتاب وفكرة المعلقات العشر إلى مشروع استثماري سياحي لجذب زوار الداخل والخارج، و حماية تلك المواقع وجبالها من أن تقضمها (الكسارات) ومشاريع الأحجار والتنقيب عن المعادن.