منذ أن حمل المنتخب السعودي حقائبه وغادر مونديال كأس العالم 2006 م بعد أن اكتفى بحضور شرفي يقتصر على دور المجموعات وأحلام الرياضيين السعوديين في أن تكون عودته للواجهة العالمية أقوى، مستذكرين الحضور المميز في مونديال 94 إلا أن تلك الأحلام تلاشت مع توالي الخروج المتكرر للمنتخب من البطولات القارية وصولاً إلى البطولة الخليجية ثم الغياب المؤلم عن مونديال 2010 و2014 . الكرة السعودية لا تزال تعاني من انحدار بالمستوى وتقلب في أداء المنتخب في ظل تعاقب الجهازين الفني والإداري، وحتى تعود رياضتنا لسابق عهدها علينا الإقتداء بالمنتخبات الناجحة وتحديداً التي غابت ثم عادت قوية وآخرها منتخب بلجيكا والذي كان مجرد حمل وديع على القارة الأوروبية فلم يشارك بعد مونديال 94 سوى مرة واحدة في كأس الأمم الأوروبية وحضور نادر في كأس العالم كان آخره في مونديال كأس العالم 2002، إذ كان فيها مجرد محطة تزويد وقود للمنتخبات الأخرى وغادر حينها منتخب بلجيكيا ضعيفاً من أوسع الأبواب وكان من الطبيعي أن يستمر كما كان لو واصل الاتحاد البلجيكي عمله على الدوام إلا أن ذلك لم يحدث إطلاقاً فأسس ميشيل سابلون خطة عمل بدأ بها من الأندية لفئات الشباب حيث طلب من مدربي الفرق تحويل طريقة اللعب إلى تكتيك معين والاعتماد على الأطراف أكثر من غيرها في الملعب وساهمت هذه الطريقة في قيادة منتخب بلجيكا لنصف نهائي بطولة أمم أوروبا للناشئين عام 2007 ولأن سياسة العمل مستمرة فنجح منتخب بلجيكا الأولمبي من الوصول إلى أولمبياد بكين 2008 وأسقط منتخب إيطاليا في ربع النهائي بثلاثة أهداف مقابل هدفين بانتصار تأريخي قبل أن يخسر بنصف النهائي أمام منتخب نيجيريا بنتيجة قاسية حيث استقبل أربعة أهداف وحمل حقائبه مغادراً الأولمبياد إلا أن ذلك ساعد الاتحاد البلجيكي أن يحافظ على مجموعة اللاعبين ويعمل على تطوير أدائهم حتى استطاعوا اليوم التأهل إلى مونديال البرازيل دون أي خسارة بمنتخب شاب بدأت ثمرته من الفئات السنية و صرف عليه الكثير وأهتم بلاعبيه حتى وصلوا اليوم إلى المنتخب الأول وحملوا منتخب بلادهم إلى مونديال البرازيل من أوائل المنتخبات الأوروبية التي تصل إلى أوروبا فعندما غادر المنتخب السعودي من كأس العالم 2006 كان معدل أعمار اللاعبين الحاليين مادون عشرين عام ولو أنشأ الاتحاد السعودي آنذاك برنامج يهتم بهم لكنا اليوم من الواصلين إلى مونديال البرازيل. اليوم يحتاج المنتخب السعودي لعملية إحلال والاستغناء عن بعض العناصر التي أخذت فرصتها الكاملة دون فائدة وتحديداً من تقدم بهم العمر والاعتماد على لاعبين شبان ومنحهم كامل الفرصة والثقة ودعمهم بوجود مدرب قادر على الوصول بهم إلى منصة البطولات من جديد بعيداً ولا مانع أن تكون البداية من منتخب الناشئين أوالشباب إن كان ذلك سيصنع للكرة السعودية جيلاً يهديهم منتخباً قوياً كمنتخب الإمارات مع المدرب مهدي بن علي وكذلك منتخب الأردن والذي ينافس اليوم للوصول إلى كأس العالم بمجموعة لاعبين غالبيتهم بدأوا مع منتخب الأردن الأولمبي قبل عدة سنوات فطالما أن السعودية كتب عليها الغياب لا محالة عن مونديال البرازيل فالصحيح أن نبدأ العمل من الآن على إيجاد منتخب قوي في مونديال 2018 أو مونديال 2022 وتكون بطولات آسيا وغيرها خير إختبار لمدى قوة المنتخب الجديد للأخضر ونحتاج قبل ذلك من إعدام روح السخرية بنتائج المنتخب من جميع المتابعين والمهتمين بالشؤون الرياضية في السعودية ليكون الجميع على قلب رجلٍ واحد هدفهم أن يظهر منتخباً قوياً يحمل راية "لا إله إلا الله محمداً رسول الله" في المحافل العالمية، كما كانت تحمل سابقاً، وحتى تتحول هذه الآمال والأحلام إلى أرض الواقع فلا بد وأن تكون البداية بإيجاد مدرب يمتاز بقوة الشخصية ويهوى العمل مع روح الشباب كالأرجنتيني بيلسا ومنحه كافة الصلاحيات وحرية العمل وإن تعذر وجود مدرب بهذا الحجم فلا ضرر في أن نقتدي بنجاح تجربة الإمارات مع المدرب الإماراتي مهدي بن علي وأن تمنح الفرصة للوطني خالد القروني لاسيما وأنه نجح في عدد من البطولات على صعيد منتخب الشباب والأولمبي وجميل أن نراه مدرباً للمنتخب الأول ويجمع تشكيلة الأخضر بروح الشباب وبعضاً من نجوم المنتخب الأول ممن يقدرون على العطاء لسنوات طويلة وبمستوى ثابت ولا يعني رغبة الإستعانة بلاعبين شباب عدم الالتفات للاعبين الذين تقدم بهم العمر ففي بعض اللقاءات تحتاج لعنصر الخبرة وقبل ذلك إن كان اللاعب مفيداً للفريق ويملك ما يقدم فلا يؤثر العمر في ذلك، فالمهم أن نرى منتخبنا يعود قوياً، كما كان فلقد مللنا ألحان الأغاني الحزينة ورؤية الرؤوس منكسة تغادر الملعب في اللقاءات الرسمية لمنتخبنا الوطني. إنجاز 94 لن يعود إلا بالعمل المتقن