السعودية تنجح في إنهاء الخلاف الروسي-الأمريكي    جدة تستضيف معسكر أخضر الشابات    ضبط شخصين في مكة لترويجهما 60 كجم "حشيش" و2650 قرص "إمفيتامين"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على جاهزية الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن برمضان    صعودي قياسي لأسهم أوروبا    تقدير أممي: غزة والضفة بحاجة ل53 مليار دولار لإعادة إعمارهما    الذهب يرتفع إلى 2903.56 دولارات    تحديد مواجهات دور ال 16 من دوري أبطال آسيا    دوران يخطف الأفضلية    عسير الأولى في إنتاج العسل    المسلم يحول رواياته إلى أفلام سينمائية ودرامية    3 مجمعات تعدينية جديدة في المدينة المنورة والشرقية    فيصل بن مشعل يرعى تخريج 12 ألف من جامعة القصيم    بعثة الأخضر تصل الكويت للمشاركة في بطولة الخليج لقدماء اللاعبين    «ملتقى طويق للنحت» ينطلق بمشاركة 30 فناناً من 20 دولة في الرياض    من سيقود فريق إسرائيل لمفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة؟    تحت رعاية خادم الحرمين.. رابطة العالم الإسلامي تنظم النسخة الثانية لمؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» في مكة    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان ملك الأردن بمناسبة نجاح العملية الجراحية    «الأسواق المالية».. السعودية الأولى عالمياً في نمو الإدراجات    السعودية ترسّخ مكانتها في التكنولوجيا المالية و "سنقل فيو" في قلب الحدث    الكرملين: بوتين مستعد للتفاوض مع زيلينسكي وجاد في إنهاء الحرب    الأمير سلمان بن سلطان يتفقد مستشفى الحرس الوطني    الأمير سلمان بن سلطان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون المناطق    الشؤون الإسلامية تصدر تعليماتها لمنسوبي المساجد لخدمة المصلين خلال شهر رمضان    إصابة 21 مسافراً إثر انقلاب طائرة أميركية أثناء هبوطها بمطار في كندا    أمير منطقة جازان يستقبل الفريق الاستشاري بمعهد الإدارة العامة    أمير المدينة يلتقي بقائد القوات الخاصة للأمن والحماية    نائب أمير حائل يزور مقر الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام "رفاق"    نائب وزير "البيئة" يتوّج الفائزين في "هاكاثون المياه"    محافظ الأحساء يكرّم "المنصور " الفائز بأفضل معلم في العالم    مجلس الوزراء يقر نظام النقل البري على الطرق    أمير القصيم يكرّم أمانة المنطقة بجائزة صناعة المحتوى بنسختها الرابعة    وزير الموارد البشرية يُكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة في دورتها ال 12    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي وجهاء وأعيان منطقة القصيم    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي في مراكش رئيس الحكومة المغربية    وزير الداخلية يرأس وفد المملكة في مؤتمر سلامة الطرق بمراكش    تشكيل الهلال المتوقع أمام الوصل    القبض على 3 وافدين لممارستهم الدعارة بالقصيم    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 20 فلسطينيًا من الضفة الغربية    ندوة لإطلاق تقرير "حالة تعليم اللُّغة العربيَّة في العالم" بالتعاون مع الإيسيسكو    نقل مقر الأمم المتحدة إلى دولة تحترم القانون الدولي    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة حتى الخميس المقبل    مقتل مسؤول عسكري في "حماس" بغارة على صيدا.. لبنان يترقب انسحاب الاحتلال.. ورهان على ضغوط واشنطن    برعاية وزير الداخلية وحضور مساعده.. تخريج كفاءات نسائية بكلية الملك فهد الأمنية    في الجولة الأخيرة خليجياً.. الاتفاق يواجه القادسية الكويتي بالدمام    تأجيل القمة العربية الطارئة في مصر    وزير الشؤون الإسلامية يوجه بفرش جامع حجيلان بن حمد بالسجاد الفاخر    الحياة ببطء    «الصحة»: 3 أسباب رئيسة لسرطان الأطفال    ثقة دولية بالسياسة السعودية    الداير.. 38 عاماً وعقبة «الرقيل» عصية على الحل    الفعر يستعرض رحلته إلى قمة كيليمانجارو في «أدبي الطائف»    تحدي ديزايناثون يحقق رقما قياسيا عالميا في الرياض    الاعتراض على قيمة النفقة حق للوالدين    أدوية باركنسون تنقص الحديد    الزميل الحربي.. ينجو وأسرته من حريق بمنزله    الأخطاء الشائعة عند ارتفاع ضغط الدم    اللصقات الغذائية بين الفعالية والتسويق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دورة الأيام بين الفرح والسرور والحسرة والندم
نظرة الشعراء للمستقبل في أول السنة
نشر في الرياض يوم 06 - 11 - 2013

سنة تنقضي وأخرى تبدأ في أثرها و تجري حثيثة في أعقابها، ليل يتعاقب مع النهار على الأحياء، تحمل ساعاتها في طياتها كل مدونة التاريخ الحقيقي وأضابيره غير المزيفة ولا المحورة ولا طمس فيها ولا تغييراً، مثبت فيها كل ما مر وصار بكل دقة وتفصيل.
امس انصرم عام والاعوام صرامه والقلب تحسب حساب الوقت دقاته
أيام تتجدد وتتعدد وأعمار تتقصف و تخلق وتبلى وصفحات تطوى بما فيها، الندم أشد الندم لمن فرط وسوف، فعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، والزمن له اتجاه واحد هو الأمام لم يسبق أن أعيدت ثانية واحدة من الأعمار التي مضت بها الليالي، وقطع سيف الزمن بيننا وبينها.
مضت سنة كاملة بأيام عديدة وشهور عدة، وغابت شمس آخر أيامها، وأطلت سنة جديدة علينا هي 1435ه.
أين هي السنة 1434ه، بما فيها من تسابق وتلاحق وتصارع وتسارع ؟
تلك الأيام نداولها بين الناس، لقد أغلق سجل حضورها وأقفل بالخط الأحمر، ورفعت كشوفها، فمن تأخر عنها وصده عن الانضمام إلى من عمل فيها تباطؤه فلا يفيده الندم، لكن ليتدارك سنة تليها.
لا يعرف عن أجدادنا توقفهم عند يوم معين أو فترة يميزونها عن أخرى، ولكنهم حريصون على أن تكون محاسبتهم لأنفسهم دائمة.
طاعتهم لربهم و دينهم في المقدمة، له الأولوية في حساب الزمن قبل كل شيء، وأما أنشطتهم الحياتية فإنها موزعة على السنة كلها، مقسمة على حقول جدول زمني ضمني ، قد تبينت لهم كل خطواتهم وما يعملون فيه، وبحسب الظروف المواتية، ففي فصل الشتاء استعداد للزراعة وجمع مياه الأمطار في منخفضات يعدونها لذلك كخزن استراتيجي ويحصنون قرارهم ويعدون للبرد عدته وللأيام القاسية ما يخففها، ويتفقدون مجاري السيول ويصرفونها ويدرؤون أخطارها ويتوقعون غزارتها فلا تفاجئهم، وفي الربيع يستقبلون خيرات نبتت بعد هطول الأمطار هي غذاء مواشيهم وعليها بعد الله اعتمادهم، يجمعون الحشائش والأعشاب، يخزنونها لعامهم وعام آخر ، يستعدون لما بعد الربيع من خلال استغلال المتاح في وقتهم، لا ينتظرون بالطبع جفافها حتى تذروها الرياح ولا يفرطون فيها وهم في أمس الحاجة إليها، ولا يتكاسلون عن شيء يمكن الحصول عليه في حينه ولا يرجئونه فيفوت، وفي الصيف لهم مع الأيام نشاطهم الزراعي المناسب من قمح وذرة وحبوب متعددة الأصناف والأنواع، والعناية بأشجار النخيل وغيرها، وفي الخريف ينصرفون لجني الثمار والتمور والعناية بالأشجار، أهل الحضر في برنامجهم الزراعي وأهل البادية في رعاياهم وتتبع ما يصلحها.
دورة السنة إذا لدى أجدادنا مشغولة أيامها بالكد والعمل والجد لا بالهزل ولا باللهو.
ومن المؤكد أنهم يخضعون كل هذا النشاط للتقويم في نهاية كل سنة، لما تتطلبه الضرورات التي تحكم حياتهم.
فالفقر والحاجة جعلا الديون تتكاثر عليهم فانشغلوا بحقوقهم وحقوق الآخرين وصارت هما عليهم يتابعون الخلاص منه.
ولعل في قصيدة سعد بن سريع (راعي المعشبة بإقليم سدير) ما نستشهد به من الأبيات على ما كان من فقر وديون وحاجة، يقول سعد بن سريع:
البارحة ساهر والقلب يجتالي
ما هملجت حيث صالي القلب صاليها
يا الله يا خالقي من مدك اسالي
تجيب لي دعوة يا الله داعيها
وتيسر أمري بفضل منك يا والي
وتكون عوني على حاجاتي اقضيها
درت الفكاير وقست الناس في الحالي
كل على ما جرى له راغب فيها
دنياً تشيب الوليد بهول و اهوالي
قامت تخبط ولا ادري ويش تاليها
متهيض يوم اشوف الدوب بعيالي
مثل القرافيش مع شاوي مخليها
جوعا وعريا ولا لي حيل احتالي
الا على الله نفوس ما يخليها
الله على العيص عيص تقطع الآلي
ضباط للشيل ما شد الصعب فيها
نرحل عليها لعل الهم ينجالي
ونفارق الصاع والوزنه وطاريها
ما عاد لي في قرايا نجد منزالي
لعل وبل الحيا والصيف يسقيها
فقوله في هذا البيت:
نرحل عليها لعل الهم ينجالي
ونفارق الصاع والوزنه وطاريها
يعني لنا الكثير مما يستشف من حالة الناس وكونهم يستدينون بالوزنة والصاع، وزنا وكيلا، من وقت إلى آخر، ثم لا يجدوا في زروعهم ونتاج فلاحتهم ما يكفي لسداد ما عليهم من قروض لأصحاب الأموال والتجار فلا ينجلي همهم ولا يزول فقرهم.
وهذا يعطينا مؤشر على أن لهم في كل عام حساباتهم الواردة والمنصرفة، وترقبهم للفرج بعد الشدة وفي مثل ذلك من الهم والمعاناة ما فيها.
حتى التجار أيضا لهم مع نهاية السنة وقفات، فالتمور المخزونة في مخازنهم ودكاكينهم يحول عليها الحول فلا تكون بذات النفع والقيمة و الطعم والرائحة التي كانت عليها، وبالتالي يقل الطلب عليها، وتخلى المخازن للجديد من المحاصيل، ومن ذلك القمح والمدخرات الأخرى، من سمن وأقط...الخ
فالعام عندما ينصرم لا يكون هاجسنا في أيامه كيف تمضي بقدر ما يكون جل تفكيرنا في حالنا مع الأيام الماضية، هل سيف الوقت قطعناه بما يفيد ويرضي أم قطعنا في غفلة وأسلمنا للحسرات ؟
يقول الشاعر مطر الروقي في هذا المعنى:
امس انصرم عام والاعوام صرامه
والقلب تحسب حساب الوقت دقاته
الوقت سيف علينا تقطع ايامه
يمضي بالاعمار والانفاس خطواته
ماترتفع هامه الا ترتخي هامه
ومحصول الانسان حسناته وسياته
ولا تسعد نفوس غير نفوس منظامه
مكتوبه احزان الانسان ومسراته
يموت الانسان قبل يحقق احلامه
يغنم به العمر لو مايغنم اوقاته
ويقول الشاعر ماجد الشمري
الله، ياسرع الليالي والايام
راحت سنه من عمرنا مادرينا
قبل امس اذكر توّنا بأول العام
واليوم بالعام الجديد ابتدينا
لاهين بالدنيا على حمر الانعام
نضحك على الدنيا وتضحك علينا
ياويلنا من يوم تحيا به عظام
يوم الولد يستنكر الوالدينا
مافيه لا فزعه ولا عرفة ارحام
من هول ذاك اليوم نجحد ذوينا
ياليت كلٍ يحسب حساب قدام
ونحاسب انفسنا على ماجنينا
خلونا نعمل ما تبقى من اعوام
ونرضي به الله لين يرضى علينا
ويقول الشاعر راشد الخلاوي
يقول الخلاوي الذي ما يكوده
جديد البنا من عاليات القصايد
قصايد لا بد الملا تستفيدها
لامسى غريم الروح للروح صايد
لعل الذي يرونها يذكروني
بترحيمة تودع عظامي جدايد
الايام ما باق بها كثر ما مضى
والاعمار ما اللي فات منها بعايد
نعد الليالي والليالي تعدنا
والاعمار تفنى والليالي بزايد
الى دقت الوسطى البهام تذكرت
زمان مضى ما هو لمثلي بعايد
فلا بد ما سحم الليالي تحوفني
بليل ولا لي عن لقاهن بزايد
ودورة الأيام إما أن تحمل بشرا وسرورا لمن استفاد منها ووفق في استثمارها في الطاعة والعبادة والعمل الصالح الديني والدنيوي، أو تكون ساعاتها هما و ندما وحسرة وتحسرا على ما فات منها، وربما مددنا حبالاً طويلة من الأمل الذي لا ينتهي تتبعه فيطول علينا المسير نحوه، وقد تنقضي أعمارنا لم نلحق بشيء منه.
يقول الشاعر عيسى الشلوي:
الا يا عذاب الروح من دورة الايام
غدت بالشباب بساعة الطيش واودت به
وانا ذكرياتي كل ما تدبلج بها الافلام
أعاين بعمر كيف الأيام صدت به
وعمر مضى ما هوب يوم الحساب حزام
تعشت بمثلي النار والا تغدت به
ويا ويلي ان كثرت علي يومها الاثام
وعليه وش اللي فعلت الكف جادت به
انا في رجا رب الملا الخالق العصام
عن النار عفو ورحمة يديه مدت به
وهكذا فإنه ما من ناثر ولا شاعر ولا صاحب خواطر، إلا كان له هاجس وأمل و نظرة لمستقبل أحسن من الأمس، وعنده أيضا تخوف و حذر من الغفلة ودورة الأيام، ومفاجأة النهاية التي حتما ستكون، فالعمر ينقص والليالي تزيد في عدها، كما أن التجارب كلها تؤكد أن لا يأمن الإنسان تقلب الأحوال فالفقير لا يستمر فقره ولا الغني يستمر كذلك ولا الحي بباق مخلد، كما أن المظلوم ولو كان واحدا ضعيفاً يجد له يوما من ينتصر له، والجمع الكبير الظالم ولو كان مهيمناً لا بد أن يظهر له يوما من يتسلط عليه، وهكذا دورة الحياة والأيام. كما قال الشاعر راشد الخلاوي رحمه الله :
قولوا لبيت الفقر لايامن الغنى
وبيت الغنى لايامن الفقر عايد
ولايامن المضهود قوم تعزه
ولايامن الجمع العزيز الضهايد
وواد جرى لابد يجري من الحيا
ان ماجرى عامه جرى عام عايد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.