لم يظن عبدالله السلوم رفيق درب البداية مع ابي السعود الحمادي (1357- 1405ه) – رحمه الله - أن البارع طلال مداح (1359-1421ه) قد تجاهل أبا سعود الحمادي أو تعمد تهميش اسمه في تسجيل اسطوانة "لمين بشكي غرامك" والتي لحنها ابو سعود الحمادي في بدايات انطلاق الأغنية النجدية وكلمات "فتى نجد – ابو سعود الحمادي". «لمين بشكي غرامك» انتشرت من إذاعة «طامي» ومسرح الطائف هذه الأغنية كانت تحمل بين طياتها تاريخاً مهماً وأحداثاً أهم بين التواصل الفني والتعامل ضمن أطر الذوق الفني ومطلب بثه للجمهور، هي تلك الحالة الجميلة التي مرّت على بدايات الأغنية النجدية من ابي سعود الحمادي وثلة اشخاص آخرين كان منهم عبدالله السلوم الرائد والمؤسس لأول فرقة فنية في نجد وكذلك سعد ابراهيم وغيرهم، قبل أن تلفت الانتباه وتصدح بها حناجر آخرين وتشعبها بعد انطلاقة المجدد طلال مداح – رحمه الله- واستمراره في تناولها مع الشاعر الفالح الأمير محمد بن عبدالعزيز "رحمه الله". في بداية الستينات الميلادية من القرن الماضي، كانت المسارح المقامة في الطائف تعّج بالفنانين والجماهير، ابو سعود الحمادي – رحمه الله- كان قائداً لمسرح الأغنية النجدية التي يقف فيها عازفين على " الكمان" كل من عبدالله بن نصار وسعد ابراهيم – رحمهما الله- والسلوم أخوان ناهيك عن التنافس الذي يجده من المسرح الحجازي بقيادة طلال مداح وطارق عبدالحكيم وغيرهما. هي بداية شهرة أغنية "لمين بشكي غرامك" وذاع صيتها من ذاك المسرح وإذاعة "طامي" قبل افتتاح الإذاعة السعودية. الرائد ابو سعود الحمادي ابو سعود الحمادي – رحمه الله- قال لعبدالله السلوم في حضور الشيخ الأديب عبدالله بن خميس – رحمه الله – والشاعر محمد الفهد العيسى:" أنا لم أعاتب طلال مداح أو اشتكيه عن اغنية؟ هذا من سابع المستحيلات، يكفي انه طلال مداح فيه ومنه تنتهى الحكاية"، هناك في ذلك المجلس الأدبي، أكد أن طلال مداح ذو قيمة فنية وخلق رفيع، ربما الخطأ كان عند طباعة الإسطوانة أو داهمه النسيان، وكان أبو سعود يتنازل عن حقه الأدبي بغية تأسيس الذائقة الفنية في الغناء السعودي. هذا الراحل الذي أثرى الساحة الفنية بالعديد من الأغاني ذات العلاقة الأبدية كأغنية "يوم قالوا ورا خلك خضر" و" لمين بشكي غرامك" وغيرها من الأعمال التي تغنى بها العديد من المطربين، كان همزة وصل بين التراث –الفلكلور- الذي قال عنه:" كلما اعطيت في هذا المجال أحسست أني أقف من مسيرة الفن أمام عمق التراث الشعبي وعظمته، لما كان هذا اللون من الوان الفنون يقتضي استكمال العدة بالنسبة لمن يطرقة"، يضيف عن هذا الجمال في التراث، بانه آثر أن استوقف الزمن لاستكمال ما قد نقص في عدته ثم ينطلق من جديد على اساس من النهج الصحيح، هناك قد اتيحت له أن يطلع على كثير من كنوز التراث إلى جانب أبواب الأدب وعمق الموسيقى والفكر. هذا هو الحمادي الفنان المفكر الذي سبق الأجيال وقد تزود بكل ما يلزم الفنان الذي يريد أن يتخذ من الفلكلور منهجاً له، من هذا كانت العلاقة بينه وبين طلال مداح –رحمهما الله- في التعاون الأول والمنسي ب"لمين بشكي غرامك" و"يوم قالوا ورا خلك خضر" شاهداً على تميزهما واحترامهما للآخر بعيداً عن الأغنية التي يعتبرونها أخذاً بالرقي لا للخلافات.