هل اتخذت الدولة السعودية موقفها من عضوية مجلس الأمن وفق ما يحدث دائماً من اعتراضات ذات اتصال بمواقف سياسية آنية؟.. ونعرف أنه كثيراً ما يحدث ذلك.. ونعرف أن وضع الاعتراضات لا يتصل بمواقف دولية بقدر ما يتصل بمؤثرات علاقات خاصة حتى لو تسلل الأمر إلى أوضاع دولية.. هذا جانب.. الجانب الآخر.. أن دول العالم الثالث بصفة خاصة لم تكن تجرؤ على رفض ما من شأنه أن يدخلها في واقع اختلاف وجهات نظر مع أي قدرة دولية ما لم تكن تفعل ذلك كواقع لغة أكثر مما هو واقع موقف في أي اختلافات وجهة نظر، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، بل المؤسف أن دول العالم الثالث وزّعت - وبرضاها - لتكون واقع تبعيّة لجانب دولي يتعارض ويختلف في الوقت نفسه مع جانب آخر.. أي أنه في موقف انسياق وليس موقف استقلالية حقيقية.. يتصل بهذا المفهوم - الأكثر أهمية وتأثيراً بمستقبل شعوب العالم الثالث - أنه لا تأثير إطلاقاً في مستوى الأمن الدولي لهذه الشعوب بحقائق ما تعنيه القرارات الدولية متى كانت من حقوق الجميع.. وهو ما لم يكن يحدث.. نقف مع واقع استقلالية المملكة الصارمة والجادة؛ فنجد أنه أتى تعبيرها، ومعه وقفتها، وهي تقر اعتراضاً عبر وجهة نظر موضوعية الحقائق والبراهين، إذ لم يكن الأمر يعني مرور فرصة اختلاف مع طرف ما في شأن يعني المملكة، وإنما ما حدث وأبرز نزاهة وجزالة عقلانية السياسة السعودية هو أن الاعتراض أتى مدعوماً بشواهد عدم تجاوب مع أي احتياج للعالم العربي الذي حوّل إلى جغرافية حضور معزول بمشاكله الخاصة، وملزم في الوقت نفسه أن يتّجه مع هذه المشاكل إلى واقع ما هو فيه من تراجع اقتصادي وحضاري.. موقف المملكة تناول مسار أوضاع مواقف لم تقابل بأي تجاوب، أو على الأقل موضوعية طرح وسائل حلول.. فمثلاً مع إسرائيل.. مثلما ذكر البيان السعودي.. على مدى الستين عاماً متى تنازلت إسرائيل عن سطوة احتلال تتواصل؟.. لم يحدث ذلك.. كيف أمكن أن يكون شخص واحد في سوريا هو واجهة واقع الخلاف لشعب سوري مع حكمه فقط؟.. خذ تراجع دول أخرى.. ما كان يمكن أن يحدث تعدّد التراجع لولا وضوح سياسة الإهمال وقابلية التراجع إلى الخلف.. ويدعم ذلك.. أن المملكة لم تقدم موقفاً يعني خصومة مع أمريكا أو يختص بروسيا وغيرهما من دول معينة، وإنما الأمر.. دولياً.. يعني إهمال مشروعيات الحقوق العربية..