فكِّر معي قليلا في هذه المشكلة الخيالية: لو هبط على الأرض طبق طائر قادم من مجرة بعيدة؛ فبأي لغة سيتم التفاهم مع ركابه!؟ هل سنتفاهم معهم من خلال جهاز يترجم أي لغة مهما كانت غريبة - كما حدث في فيلم مارشنز ..أم سنعمد إلى لغة الإشارات والرسم ولا نضمن بالتالي الاتفاق على الفكرة والمعنى فيحدث مالا تحمد عقباه!! ثم ما الذي يجعلنا نفترض دائما أن سكان الفضاء الخارجي يتحدثون كالبشر؛ ما الذي يجعلنا نفترض امتلاكهم لحنجرة أو «أوتار» تُخرج أصواتا مميزة (فهناك احتمال تواصلهم من خلال التخاطر وقراءة الأفكار وبالتالي سيفهمون ما نقصد قبل نطق أي كلمة!!) المشكلة أنه - مهما تشعبت بنا الأسئلة - لن يخرج خيالنا عن تصور وجود عينين ولسان وشفتين لأي كائن حي. ولكن الحقيقة هي أن اختلاف البيئة في بعض الكواكب لا يحتم وجود مثل هذه الأعضاء مما سيقف عقبة دون التواصل - لا بالصوت ولا بالصورة! على أي حال لم يخل الأمر من محاولات غريبة لابتكار وسيلة فعالة للتواصل مع سكان الفضاء الخارجي (!!) وأول محاولة اعرفها كانت من عالم الفضاء الاسترالي جون ويلجارت عام 1960 (وصدرت في كتاب بعنوان aul the language of space/ John weilgart). فمن خلال دراسته للأنماط الموجية القادمة من الفضاء ابتكر لغة فضائية خاصة تدعى aui. فمن وجهة نظره أن تلك الأنماط ظاهرة كونية مشتركة ولابد ان المخلوقات المتطورة في الكواكب الأخرى لاحظت وجودها. وعلى هذا الأساس وضع ويلجارت لغة غريبة تحمّس لها المهتمون بالأطباق الطائرة - بل وطالب بعضهم بالبدء في استخدامها للتعود عليها قبل ساعة الصفر!! ٭ ولكن رغم ذكاء هذه اللغة إلا أن هناك ثلاث عقبات حالت دون انتشارها أو أخذها بجدية: الأولى: انها بنيت على افتراض قد لا يحدث إطلاقا - وهو لقاؤنا بمخلوقات فضائية. والثانية: انها وقعت في المأزق السابق وافترضت أن المخلوقات الفضائية تصدر أصواتا مثلنا! اما العقبة الثالثة والأهم؛ فهي أن الدكتور ويلجارت أساء لمجهوده العلمي حين صرح لاحقا أنه تعلم هذه اللغة من مخلوقات فضائية خضراء كانت تزوره منذ كان طفلا!!! أما المحاولة الثانية فاكثر منطقية واقل غرابة (واستعرضتها باختصار في مقال سابق).. فقبل تسعة وعشرين عاما أطلقت وكالة ناسا مركبة بايونير لاستكشاف الفضاء الخارجي. وكانت مهمتها الأساسية استكشاف الغلاف الخارجي لكوكب المشتري الذي وصلته بعد عام.. ولكن المفاجأة السعيدة أن دورانها حول المشتري أتاح لها القدرة على الانفلات من جاذبيته الكبيرة (وبدل ان تتحطم فوقه) اكتسبت دفعة جديدة جعلتها تنطلق نحو الفضاء بسرعة خيالية بلغت 44579 كيلومترا بالساعة. وحتى قبل عامين فقط (حين انقطع الاتصال بها نهائيا) بلغ مجموع ما قطعته بايونير أكثر من عشرة مليارات كيلومتر وخرجت عن نطاق المجموعة الشمسية إلى أعماق الفضاء! اجمل مافي الموضوع أن عالم فلك يدعى فرانك دريك كان منذ البداية يساوره الأمل في أن تخرج بايونير عن نطاق المجموعة الشمسية وتقابل مخلوقات عاقلة من سكان الفضاء الخارجي.. ولكن المشكلة - في حالة تحقق هذا الحلم - هو كيف يخبر تلك المخلوقات عن مكان الأرض ووجود البشر. وفي النهاية قرر دريك أن أبسط وسيله لفعل ذلك هي نقش خريطة معدنية للمجموعة الشمسية توضح موقع الأرض ورسم لرجل وامرأة وبينهما طفل صغير.. ومثل الجميع لم يجزم أنها وسيلة ناجحة!!. [email protected]